محمد أحمد مراد يكتب | الإنترنت والمجتمع المصري

0

يُعد الإنترنت من أبرز الابتكارات التكنولوجية، التي أحدثت تغييرًا جوهريًا في حياة الشعوب والمجتمعات حول العالم، ومصر ليست استثناءً. منذ دخول الإنترنت إلى مصر في التسعينيات، شهدت البلاد تحولًا كبيرًا في مختلف جوانب الحياة، حيث أصبح الإنترنت جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية للمصريين. يمكن ملاحظة تأثير الإنترنت في مصر في العديد من المجالات، بما في ذلك الاتصالات، التعليم، الاقتصاد، والسياسة.
ساهم الإنترنت في تسهيل عملية التواصل بين الأفراد في مصر بشكل غير مسبوق. من خلال منصات التواصل الاجتماعي، مثل: فيسبوك، تويتر، وإنستجرام، أصبح المصريون قادرين على التواصل بسهولة مع بعضهم البعض داخل البلاد وخارجها. هذه المنصات لا تُستخدم فقط للتواصل الاجتماعي، بل أصبحت وسيلة لنشر الأفكار والتعبير عن الآراء بحرية أكبر، ما أثر على التفاعل الاجتماعي والثقافي والسياسي في المجتمع المصري.
مجال التعليم.. أحدث الإنترنت ثورة في مجال التعليم في مصر، حيث أتاح الوصول إلى مصادر تعليمية متنوعة على مستوى العالم. أصبح بإمكان الطلاب والمعلمين الاستفادة من الدورات التعليمية عبر الإنترنت، والمصادر المفتوحة، والمكتبات الرقمية. كما أتاح الإنترنت التعلم عن بعد، وهو ما كان له دور كبير خلال فترة جائحة كوفيد-19، حيث استمرت العملية التعليمية عبر المنصات الإلكترونية، ما ساعد في تقليل الفجوة التعليمية.
مجال الاقتصاد.. أصبح للإنترنت دور كبير في تعزيز الاقتصاد المصري من خلال دعم التجارة الإلكترونية وتحفيز ريادة الأعمال. وفتح الإنترنت الأبواب أمام الشركات الصغيرة والمتوسطة للوصول إلى أسواق جديدة، وتوسيع قاعدة عملائها. كما ساهم في تعزيز الشمول المالي من خلال التطبيقات والخدمات المصرفية الرقمية، ما أتاح لعدد أكبر من المصريين الوصول إلى الخدمات المالية. إضافة إلى ذلك، أدى انتشار الإنترنت إلى ظهور وظائف جديدة تتعلق بالتكنولوجيا، ما ساهم في توفير فرص عمل للشباب.
مجال السياسة والمشاركة المدنية.. أثر الإنترنت بشكل كبير على المجال السياسي في مصر، حيث أتاح للمواطنين منصة للتعبير عن آرائهم، والمشاركة في الحوارات السياسية. كان للإنترنت دور واضح في تنظيم الحركات الاحتجاجية والتظاهرات خلال السنوات الأخيرة، إذ استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي كوسيلة لتعبئة الجماهير ونشر الوعي حول القضايا الوطنية. هذه الديناميكية الجديدة، أتاحت مستوى من المشاركة المدنية، لم يكن ممكنًا من قبل.
التحديات والمخاطر.. على الرغم من الفوائد الكبيرة للإنترنت في مصر، فإنه يأتي مع تحديات ومخاطر. من بين هذه التحديات، انتشار الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة، والقرصنة الإلكترونية، وانتهاك الخصوصية. كما أن هناك فجوة رقمية بين الفئات الاجتماعية المختلفة في مصر، حيث لا يزال الوصول إلى الإنترنت غير متاح بشكل متساوٍ للجميع، ما يحد من استفادة البعض من مزاياه.
يمكن القول، إن الإنترنت أحدث تغييرًا جذريًا في مصر، حيث أثر بشكل إيجابي في مجالات متعددة، لكنه في الوقت نفسه يطرح تحديات يجب التعامل معها بحذر. يتطلب الاستفادة الكاملة من إمكانيات الإنترنت، وضع سياسات واستراتيجيات تضمن الاستخدام الآمن والفعّال لهذه التقنية الحيوية، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة والنهوض بالمجتمع المصري.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.