محمد أشرف ضيف يكتب | مصر الملاذ الآمن للعائلة المقدسة

0

” مبارك أرض مصر .. مبارك شعبي مصر”، هذه الدعوة الصادقة التي وجهها السيد المسيح إلى مصر وسكانها، عندما لجأت العائلة المقدسة إلى هذه الأرض كملاذ من بطش الملك هيرودس، فأقاموا فيها بترحيب ودفء، ليبارك المسيح هذا الشعب، وهذه الأرض بدعائه.
في الكتاب المقدس، أمر الله يوسف النجار في حلمه بأن يأخذ يسوع المسيح ومريم العذراء، ويهرب إلى مصر لأن هيرودس ينوي قتل الصبي. فقام يوسف وأخذ الصبي وأمه، وهرب بهم إلى مصر، حيث بقوا حتى وفاة هيرودس. هذه الرحلة، التي ذكرت في إنجيل متى، فتحت صفحة جديدة في تاريخ مصر العظيم.
استمرت زيارة العائلة المقدسة في مصر مدة الثلاث سنوات والنصف، وتم توثيق هذه الزيارة من خلال الروايات المعتمدة والمخطوطات النادرة في الكنائس القديمة والمصادر الدينية وظهرت المعجزات في بعض الأماكن التي زاروها، مثل الآبار والأشجار ونبع الماء والآثار البسيطة.
قطعت العائلة مسافة 3500 كيلومترا مقسمة على 25 نقطة، فبعد عبور الأسرة المقدسة سيناء ووصولها إلى الفرما، توجهوا إلى الشرقية ثم إلى تل بسطا بالقرب من الزقازيق ثم ذهبوا إلى مسطرد حيث غمر السيد المسيح في بئر ماء، وسميت بالمحمة، ولا يزال البئر في الكنيسة حتى الآن، ومن ثم إلى بلبيس حيث استظلوا تحت شجرة جميز، ثم توجهوا إلى سمنود، حيث يوجد شجرة جميز وبئر ماء يُقال أن السيدة العذراء عجنت الخبز هناك، وتوجد كنيسة للعذراء والقديس أبانوب، ومن ثم إلى البرلس، ثم إلى مدينة سخا في محافظة كفر الشيخ حيث يوجد حجر مزخرف بقدم السيد المسيح، ثم غربا نحو وادي النطرون في محافظة البحيرة، بها ينبع الحمراء المالحة وبئر مياه عذبة، تعالج كثير من الأمراض الجلدية، وتضم 500 دير، منهم دير أبو مقار، بيشوي، البراموس، والسريان.
وصلت العائلة المقدسة إلى المطرية، ويقال إن المسيح نابع فيها من العين ماء، وباركها، وغسلت مريم العذراء ملابس المسيح في هذا المكان، وسقت الماء على الأرض، ونبتت شجرة البلسان التي تستخدم خلاصة زيت البلسم لإعداد زيت الميرون المقدس المستخدم في الكنائس حتى اليوم، وبجانب البئر يوجد شجرة الجميز التي احتضنت العائلة المقدسة وبقاياها ما زالت موجودة حتى الآن ممثلة في ثلاثة أجيال من الشجرة التي تمت زراعتها من قبل الآباء الفرنسيسكان.
بعد ذلك، سافرت إلى مصر القديمة حيث استقروا في المغارة الموجودة الآن تحت كنيسة أبو سرجة على أطلال حصن بابليون، ثم انتقلوا إلى المعادي، ومن هناك ركبوا مركبًا إلى الجنوب حيث يوجد السلم الحجري الذي استقرت عليه وعبرت النيل، أما المحطة الثالثة من رحلتهم كانت منف، ثم البهنسا في مركز بني مزار بالمنيا، بعد ذلك، عبروا نهر النيل إلى الضفة الشرقية حيث جبل الكف وشجرة العابد، وأخيرًا، وصلوا إلى مدينة ملوي، من المنيا إلى محافظة أسيوط حيث قضت العائلة ستة أشهر وعشرة أيام، وهي أطول فترة قضوها في أي مكان في مصر، ومن ثم اتجهوا إلى القوصية ومنها إلى ميرة وجبل قسقام ودير السيدة العذراء المعروف بـ المحرق، في الدير الذي كرسه السيد المسيح بنفسه، زاروا كنيسة وهيكل ثم دير درنكة.
ثم جاء الأمر بالعودة مرة أخرى إلى فلسطين لتنتهي بذلك رحلة السيد المسيح والسيدة مريم العذراء أرض مصر ولتبقي رحلتهم في مصر محل تشريف واستكمال لمراسم الحج المسيحي بعد أن اعتمدها بابا الفاتيكان فرانسيس كأحد معالم الحج المسيحي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.