محمد الدوي يكتب | فلسطين من الاعتراف إلى الدولة

0

الاعتراف الدولي بدولة فلسطين يمثل خطوة جوهرية نحو إرساء العدالة الدولية، فهو تأكيد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وفْق الشرعية الدولية، ويعزز من موقفه السياسي والتفاوضي في مواجهة الاحتلال، كما يسقط ذرائع الكيان الصهيوني حول “الأراضي المتنازع عليها”، ويُرسخ مبدأ أن فلسطين دولة ذات سيادة.
ولا ننسى دور مصر التاريخي والأبدي في مساندة هذا الحق وهذه القضية التى تعمل عليها مصر ليل نهار، تحاول دائمًا توصيل المعلومة دون عنف ودبلوماسية واضحة، بالرغم من الضغط الأمريكي الإسرائيلي على مصر من ناحية تهجير الفلسطنين إلى سيناء أو البُعد عن القضية من الأساس، ولكن مصر تُدافع عن القومية العربية وأمنها القومي.
وهذا الاعتراف يفتح المجال أمام انضمام فلسطين إلى المنظمات الدولية واستخدام الآليات القانونية لحماية حقوق شعبها، ويُعزز من الدعم العالمي والعربي لها، بما يُشكل ضغطًا سياسيًا وأخلاقيًا على الاحتلال، ويمهد الطريق نحو حل الدولتين وتحقيق السلام العادل والشامل، وتعد نقطة تحول استراتيجية في مسار القضية الفلسطينية، حيث تنتقل من كونها “قضية شعب تحت الاحتلال” إلى “دولة تحت الاحتلال.
فالاعتراف بدولة فلسطين يوجه ضربة قوية للكيان الصهيوني، إذ يفقده الذرائع القانونية التي يبرر بها احتلاله، ويضعه في مواجهة عُزلة سياسية متزايدة وضغوط دولية متصاعدة.
كما يرسخ أن الاستيطان عدوان على دولة ذات سيادة، ويفشل روايته التي تسعى لتصوير القضية كنزاع داخلي، هذا الاعتراف يحد من مشاريعه التوسعية، ويحرج قيادته أمام المجتمع الدولي والرأي العام الداخلي، مما يجعله مضطرًا إما للتراجع وتقديم تنازلات، أو مواجهة مزيد من الملاحقة والعزلة.
فبعد هذا الاعتراف هناك أولويات فورية للدولة الفلسطينية من حيث تسجيل الدولة الفلسطينية في المنظمات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة (محكمة الجنايات الدولية، ومحكمة العدل الدولية، ومجلس حقوق الإنسان)، وإعداد ملفات قانونية موثقة حول الاستيطان والجرائم الإسرائيلية لتقديمها فورًا، وتحويل البعثات الفلسطينية القائمة إلى سفارات رسمية وفتح سفارات جديدة مع الدول التي اعترفت حديثًا، وإطلاق جولة دبلوماسية مكثفة لتثبيت الاعتراف وتوسيع شبكة الدعم، وحملة إعلامية متعددة اللغات تشرح دلالات الاعتراف الدولي وتفند الرواية الإسرائيلية، وتوظيف وسائل الإعلام الدولية ومراكز الفكر لإبراز فلسطين كدولة ذات سيادة وعقد حوار وطني عاجل لتوحيد الموقف الفلسطيني وضمان مشاركة جميع القوى في رسم السياسات.
وعلى الوجه الآخر بعد اعتراف عدة دول غربية كفرنسا وبريطانيا وأسبانيا وإيرلندا والنرويج وكندا واستراليا والبرتغال سيسعى الاحتلال الإسرائيلي إلى تسريع بناء المستوطنات أو توسيعها، كدفعة لخلق وقائع جديدة على الأرض، وضم أجزاء من الضفة الغربية أو الإعلان عن سيادة إسرائيلية على مناطق يُنظر إليها بأنها ذات أهمية دينية أو تاريخية، والضغط الدبلوماسي على الدول التي تعترف لتراجع مواقفها أو العمل على محاور تحالفية مضادة، واستخدام الاعترافات كذريعة لتشديد الإجراءات الأمنية، تضييق المجال السياسي للفلسطينيين، وقد يكون ذلك في شكل استهداف لتمويل السلطة الفلسطينية أو فرض شروط على التعاون.

وفي النهاية لابد من وجود ضغط عربي بجوار الضغط المصري المتواصل والسعى لاعتراف باقي دول العالم بدولة فلسطين وإنشائها على حدود 1967 وتشكيل خلية أزمة وطنية مشتركة (دبلوماسية–قانونية–إعلامية–اقتصادية–أمنية) لإدارة المرحلة، واعتماد منصة إعلامية متعددة اللغات لمخاطبة الرأي العام العالمي بانتظام، والإسراع في إصلاح المؤسسات الداخلية لتقديم نموذج دولة قادرة على ممارسة سيادتها، واستثمار الاعتراف الدولي كأداة ضغط استراتيجية لإجبار الاحتلال على الانسحاب والتفاوض على تسوية نهائية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.