محمد الصاوي يكتب | منظومة التعليم الجديدة

0

منظومة التعليم الجديدة هي حزمة من البناء والإضافة والتحديث والإحلال وإعادة الهيكلة.. مناهج جديدة مواكبة، أدوات وأساليب تكنولوجية، شراكات ونقل تجارب، مدارس متخصصة وأكثر. وتلك خطة محكمة ومدروسة ذات جدول زمني قياسي، ألقى نواتها السيد الرئيس بإطلاقه مبادرة “نحو مجتمع مصري يتعلم ويفكر ويفتكر” عام 2014، وكانت بَدرتها تدشين “بنك المعرفة المصري – EKB ” الذي يحوي أكبر مكتبة رقمية على أرففها إصدارات أكبر دور النشر العالمية وأشهر المجلات العلمية، سعيًا إلى إتاحة المعرفة وإثراء البحث والإنتاج العلمي.
وبساعد همام سعت المنظومة الجديدة برئاسة وزير التربية والتعليم الأسبق د. طارق شوقي إلى إخراج نظامٍ تعليميٍ جديدٍ منقحٍ من الحشو والتلقين قائم على الإبداع والابتكار، والتركيز على المخرجات والنواتج هدفٌ أسمى لا مُجرد تقييم ودرجات لا تشير بقدرٍ كافٍ إلى مدى التحصيل المعرفي، بل وتؤثر فيها أحيانًا الفروق الفردية.
ومنذ إعلان المشروع تربص به الجميع معلمون وطلاب وأولياء أمور؛ ذلك لأنه حطم أصنام الحفظ والتلقين وآلية التعبئة والتفريغ، وأصبح الفهم والربط بين المعارف والابتكار أحمال تتنو بها العقول! ربما لا لصعوبة في مناهج المنظومة وآلياتها الجديدة بقدر مشقة الانتقال من روتين إلى نظام لا روتين فيه.
هاج وماج الجميع أجهدوا أنفسهم في محاولات عرقلة المنظومة واغتيالها. ولا جرم أن المنظومة تواجه العديد من التحديات تجعلها لا تقطف ثمارًا إلا بعد بضع مواسم! ولكن ما يختلقه ويفتعله البعض يهلك الحرث والنسل. جمود وبطء التكيف مع المنظومة الجديدة يُكلف الكثير ويقع على عاتق الدولة الإثم والجُرم، ولا ندعي تآمرًا أو تربصًا مُمنهجًا من قوى شرٍ على المنظومة بقدر ما هو النظام التعليمي العقيم الذي أخرج جيلًا بعد جيلٍ قلةٍ مَن تدارك عُقمه وطالب بعلاجه، والسواد الأعظم لم يرَ منه إلا كل الخير.
ربما كانت خطة المنظومة طموحة في وقت قياسي لا تستوعبها البنية التكنولوجية والإدارة البيروقراطية وقلة كفاءة الكوادر التعليمية وتهالك الأبنية فضلًا عن ضعف الموارد وارتفاع التكاليف، وجديرٌ بالذكر الثقافة المتأصلة عميقة الجذور التي وَضعت الجميع في قالب يُصعب كسره! أصبح النقل والتقليد هو الغالب، لا يرسم الطالب مستقبله إلا بخطوط الماضي، لا يطلع على ما هو حاضر وما في الغد وما سيكون بعد عام وبضعة أعوام في ظل تبلور العالم على نسق جديد من تكنولوجيات الرقمنة والذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة وغيرها، التي أعادت هيكلة سوق العمل وغيرت ملامحه تمامًا.
لا نرجو من الجميع سوى وقفة مع الذات وإعادة الأمور إلى نصابها وتعديل المسار، ولننظر إلى المنظومة الجديدة بكل ما حققته من نجاح وإخفاق فنُعزز ونعالج، فتلك لن تقوم إلا برغبة كل القائمين عليها والمستفيدين منها في الحصول على تعليمٍ خلَّاقٍ حري به أن يُحدث تغييرًا يحل الأزمات ويعزز الرفاه ويباري الأمم.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.