محمد بسيوني يكتب | الاستدامة وتطوير الأداء الأخضر
تعد الاستدامة الإطار الشامل الذي يوجه جهود المؤسسات نحو تحقيق توازن بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية
والاجتماعية، بينما يمثل تطوير الأداء الأخضر أحد الوسائل التطبيقية لتحقيق هذا التوازن، لاسيما على
الصعيد البيئي. وتلعب المؤسسات دورًا محوريًا في تحقيق التحول نحو اقتصاد منخفض الانبعاثات وأكثر
استدامة من خلال تبني استراتيجيات تطوير الأداء الأخضر في مختلف جوانب عملها. ومع تزايد الضغوط
البيئية وتغير توقعات أصحاب المصلحة باتت المؤسسات مطالبة بتوسيع دورها من مجرد كيانات اقتصادية
إلى جهات فاعلة في تعزيز الاستدامة البيئية والاجتماعية.
يعد تطوير الأداء الأخضر أحد المحاور الأساسية التي تمكن المؤسسات من تحقيق هذا الدور بفعالية
واستدامة. لذا دعونا نتعرف علي ماهيه تطوير الأداء الأخضر ويعرف علي انه عبارة عن عملية متكاملة
تهدف إلى تحسين الأثر البيئي للمؤسسة من خلال تقليل استهلاك الموارد الطبيعية مثل الطاقة والمياه والمواد
الخام وخفض الانبعاثات الكربونية والمخلفات الناتجة عن العمليات وتعزيز كفاءة العمليات عبر استخدام
التقنيات النظيفة وايضا دمج مبادئ الاقتصاد الدائري في الإنتاج والتوزيع إلى جانب الأثر البيئي الإيجابي.
ويحقق تطوير الأداء الأخضر للمؤسسات مجموعة من الفوائد الاستراتيجية منها خفض التكاليف على المدى
الطويل نتيجة الكفاءة في استهلاك الطاقة والموارد وتحسين الصورة الذهنية أمام العملاء والشركاء والمجتمع
و الامتثال للمعايير الدولية مما يفتح آفاقا جديدة للتوسع والتصدير والاستعداد للتغيرات التنظيمية والمناخية
المستقبلية.
ايضا المؤسسات لها دور في الدفع نحو التحول الأخضر سواء كانت حكومية أو خاصة أو غير ربحية
دورًا حيويًا في تسريع وتيرة التحول نحو نماذج أعمال أكثر استدامة من خلال وضع استراتيجيات بيئية
واضحة ضمن خططها التشغيلية وتطبيق معايير بيئية صارمة في سلاسل التوريد والإنتاج وتثقيف العاملين
وبناء ثقافة مؤسسية صديقة للبيئة والاستثمار في الابتكار الأخضر والتقنيات المتقدمة. وتطوير الأداء
الأخضر لا يحقق فقط فوائد بيئية، بل يمنح المؤسسات مزايا استراتيجية ملموسة، منها: تعزيز الميزة
التنافسية في الأسواق المحلية والعالمية وتحسين العلاقات مع المستثمرين والعملاء بفضل الشفافية البيئية. و
الاستفادة من الفرص التمويلية التي تقدمها الجهات المانحة والمؤسسات الدولية للمشاريع المستدامة و بناء
مرونة تنظيمية أمام القوانين والضغوط التنظيمية المتزايدة المتعلقة بالبيئة.
وختاما في عصرنا الحالي تتزايد فيه التحديات المناخية و يصبح التزام المؤسسات بتطوير أدائها الأخضر
مؤشرا حقيقيا على مدى وعيها بمسؤولياتها المجتمعية وقدرتها على تحقيق التوازن بين النجاح الاقتصادي
والحفاظ على البيئة وعبر خطوات عملية ومستمرة يمكن للمؤسسات أن تتحول من مستهلكين للموارد إلى
شركاء فاعلين في بناء مستقبل مستدام للجميع.