عبر محطات التاريخ الانتخابي في مصر، ظل الإشراف القضائي على الانتخابات عنوانًا للنزاهة وضمانةً لشفافية الإجراءات، وهو أمر حظى دائمًا باحترام وثقة المواطنين والدولة معًا، فالقضاء المصري بما له من هيبة ومكانة يشكّل أحد أعمدة الضمان في مسيرة التحول الديمقراطي.
ومع التقدير الكامل لهذا الدور المحوري، يظل هناك متسع للتأمل والتطوير خاصة في ظل الحديث المتجدد عن تعزيز مفاهيم المشاركة والمواطنة والعدالة الاجتماعية بين أبناء الوطن.
إن مشاركة فئات المجتمع المختلفة في الحياة العامة لم تعد رفاهية، بل باتت ضرورة ترتبط بالوعي المجتمعي، وتحقيق الاستقرار، وترسيخ الثقة بين الدولة والمواطن، ومن هذا المنطلق، فإن النظر في إمكانية تشكيل لجان إشرافية موسعة تضم القضاة إلى جانب عناصر وطنية من أصحاب الكفاءة والنزاهة من مختلف المهن والخلفيات، قد يفتح أفقًا جديدًا لتكامل الجهود، ويعزز من حضور الدولة في وجدان المواطنين.
تجارب كثيرة في دول كبرى، أثبتت أن الإشراف الشعبي المنظم تحت مظلة القانون وبمعايير حيادية وشفافة يمكن أن يكون داعمًا حقيقيًا للإشراف القضائي، وليس بديلا عنه. فالمقصد الأسمى هو حماية الإرادة الشعبية وضمان سير الانتخابات في أجواء من الثقة والمصداقية.
توسيع قاعدة المشاركة في الإشراف على الانتخابات، لا يعني انتقاصًا من دور القضاء، بل هو امتداد لطبيعة الدولة الحديثة، التي تحتضن مواطنيها، وتمنحهم مساحة أكبر للمسئولية في إطار من الانضباط المؤسسي.
إن ما تحتاجه مصر اليوم، ليس فقط ضمانة النزاهة، بل أيضًا إشراك المواطن في صياغة مشهد ديمقراطي متكامل، يشعر من خلاله الجميع بأنهم شركاء في بناء المستقبل، لا مجرد متلقين للقرار.
وحين تكون الثقة هي العنوان والتكامل هو الهدف، فإن كل خطوة في هذا الاتجاه، ستكون خطوة في سبيل تعزيز الاستقرار، وتوسيع الشرعية، وترسيخ قواعد الجمهورية الجديدة التي نؤمن بها جميعًا.
أمين عام لجنة حقوق الإنسان بحزب الجيل الديمقراطي بالدقهلية