محمد بغدادي يكتب | السودان تحترق

0

أتذكر خلال فترة الدراسة بأن الأساتذة الأفاضل الخبراء والكتب الدراسية قد أجمعا على أن الحروب الأهلية أنهكت السودان قلبا وقالبا وجعلتها في مهب الريح وابعدتها تماما عن عمليات التنمية والنمو سواء الاقتصادي او السياسي. وها هي السودان اليوم تأن وتتألم وتتوجع وأصبحت العاصمة صباحا ومساء لا تستيقظ إلا مع القذائف المرعبة وأصوات المدافع المستميتة جراء توترات داخليه مؤلمه لم تراعي حرمة شهر الصيام ولا أعياد المسلمين والمسيحين فهي صراعات لا تثمن ولا تغني من جوع أفقدت الدولة مترامية الاطراف توازنها وجعلت الدول العربية والأوروبية تدعو رعاياها للخروج من الخرطوم في واحدة من أبشع النزاعات الداخلية الداخلية في رحلة البحث عن السلطة والنفوذ والقوة بأيادي خارجية في ظل أجواء تملؤها التحديات وظروف اقتصادية دولية مؤسفة قد حارت العقول معها في التحليل والفحص والدرس والبحث. لم تعط الأطراف المتنازعة فرصة لرفع راية المصلحة الوطنية العليا لدعم مراحل التنمية الضعيفة المتهالكة في مراحلها الجنينية حيث يحاول الجيش السوداني إيقاف النزاع حتى تفيء هذه الفئة وترجع لرشدها. وللأسف الشديد تبدو المؤشرات الأولية لما تبدو عليه الخرطوم الأن بالغة الصعوبة والضبابية ولا نستطيع أن نتنبأ بها مع ما يشهده المشهد الدولي من اضطرابات وتغيرات في القوى الدولية بخلاف سلسلة التطورات في الأزمات الدولية من أوبئة وتغيرات مناخية وأزمات اقتصادية وتذبذبات في أسعار الصرف العالمية والعملات الأوروبية والخليجية بالإضافة لسوء قراءة بعض الأطراف الدولية للأحداث العالمية بشيء من الحكمة والتقصي.
سودان اليوم يا ساده يشبه كثيرًا سودان الأمس، وخرطوم اليوم ما هي إلا خرطوم الأمس، والاختلاف الوحيد هو أن الوضع الاقتصادي العالمي أصبح أشد فتكا للدول غير المنتجة والمستهلكة التي تتأفف فما بالنا بالدول التي بها نزاعات داخلية مسلحة وعدم استقرار سياسي وسوء تقدير للموقف المحلي والدولي.
فالسودان في موقف لا تحسد عليه في ظل تكهنات وتحليلات سياسية ترى أن أمد هذه النزاعات سيستمر وأن أوضاع عدم الاستقرار سيستمر ولن ينتهي خلال بضعة أشهر. فالسودان واحدة من الدول النامية الأكثر سكانا الأقل تنمية والأكثر صراعا والأكثر خلافا وتحتاج لإدارة فعاله مستنيرة قوية قادرة لتجميع الشتات وتوحد الجهود المتفرقة لتصنع سودانا أخر به رأي وحيد لتقوية شوكة هذه الدولة الذي طالما عانت وعانت منذ احتلالها وحتى استقلالها إلى اليوم ولم يتخلل ذلك سوى بعض عمليات التنمية البسيطة. وأرى أن الحل سيأتي من القاهرة لتفعيل الهدنة في محاولة لرأب الصدع وتهدئة الموقف الداخلي للجلوس على مائدة المفاوضات لبحث سبل الخروج الأمن من الأزمة الحالية لنكتب جميعا شهادة ميلاد جديدة لدولة الخرطوم للحفاظ على الحدود الجنوبية لمصر ومنابع نهر النيل والنيل الأزرق. فالأمر جلل والقضية تحتاج لحلول فاعلة وسريعة للتقريب من وجهات النظر مع حضور الفاعلين الرئيسين عربيا وأفريقيا لأن أهل مكة هم أكثر الناس دراية بشعابها كما تقول الحكمة فنحن أكثر الناس دراية بالمشهد السوداني وكيفية الخروج.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.