محمد بغدادي يكتب | معجزة العبور والتعبئة النفسية

0

 

لا شك أن حرب أكتوبر تمثل علامة فارقة فى التاريخ العسكرى المحلى والإقليمى والدولى، فهى بمثابة المرجع الرئيسى للحروب العسكرية بين الدول، وهى بمثابة الوجه الحقيقى للعسكرية المصرية حينما تٌكشر عن أنيابها، فالجندى المصرى هو القوة الملموسة للجندية العربية، وهو الإرادة التى جعلت حرب أكتوبر فى مقدمة الحروب، وجعلت العسكرية المصرية مادة تٌدرس بكبرى الجامعات الدولية الأوروبية والأمريكية.

إن التخطيط السليم والدهاء العسكرى والتنظيم المستمر بين القيادة المصرية والقيادات العربية والتنسيق جعل من الحرب معجزة على أى مقياس عسكرى، واستطاع الرئيس الأسبق محمد أنور السادات أن يلعب بقادة تل أبيب فى سلسلة لا تنتهى من الدهاء والخديعة، وجعلهم فى مهب الريح حتى جاءت ساعة الحسم وفى شهر الصيام وفى التوقيت القاتل ظهر المقاتل المصرى لخوض معاركه ضد الكيان الصهيونى الذى استخدم الحرب النفسية منذ العام 1967، وسط تكهنات هل ستقوم مصر بخوض حرب واسعة ضد تل أبيب أم أن الوضع لا يزال ساكنا وستقبل الدول العربية بالهوان.

قررت القيادة السياسية والعسكرية أن تٌعيد الحسابات وتٌعيد ترتيب البيت من الداخل بعد هزيمة 67، واستطاعت أن تطور جميع الجبهات، الفرد والآلة والتنظيم والتخطيط، وتصنع قوات مسلحة جديدة، وقبل كل شىء قامت ببناء الجانب النفسى للقوات والجنود التى أنهكت بفضل عوامل التعرية منذ الهزيمة المستفزة، فكانت التدريبات والمواجهات والتعلم والتركيز باستعادة الأرض بأى مقياس بشرى، فلك أن تتخيل أن الأرض المصرية والعربية مغتصبة من جانب إسرائيل، فهناك القدس الشرقية والضفة الغربية فضلا عن معظم مرتفعات الجولان السورية وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء المصرية، فكان لا بد أن نأخذ بالثأر ونضرب بيد من حديد كل من يحاول زعزعة الاستقرار المصرى ويهدد العسكرية المصرية.

تم هدم خط بارليف هذا السد المنيع التى قامت دولة الاحتلال ببنائه ليكون لها وقاية وحفظا من الضربات العربية المحتملة، لو فكرت فى ذلك فى أى وقت فهذا الخط هو سلسلة من التحصينات الدفاعية التى كانت تمتد على طول الساحل الشرقى لقناة السويس، والذى تم بناؤه بعد احتلالها لسيناء بعد حرب 1967، حيث كان الهدف الأساسى من بناء الخط هو تأمين الضفة الغربية لقناة السويس ومنع عبور أى قوات مصرية إليها، ولكنه تحطم يوم السادس من أكتوبر المجيد بإرادة وإدارة مصرية سورية خالصة، ولولا وجود واشنطن بجانب تل أبيب لكانت نهاية هذا الكيان على يد الجندى المصرى، حيث كان سيتم استئصال إسرائيل تماما ونهائيا من الجسد العربى ومن الخريطة العالمية.

تعلمنا ولا نزال نتعلم من الجندية المصرية التى نظمت وخططت ونسقت وتعاونت، فكان النصر حليفا لمن قال الله أكبر واتخذ خطواته نحو تحقيق النجاح، فنحن لا نرضى بالذل مهما كلفنا ذلكن فمصر قوية بجيشها وقيادتها وجنودها، وكل من يحاول أو يفكر فى الدخول معنا فى معركة سنمحو اسمه من التاريخ البشرى.

يا سادة ستظل حرب أكتوبر شهادة حقيقية للجندية المصرية وللقوة العربية فى حروبها مع الجانب الصهيونى.

إن علوم أكتوبر كثيرة والمناهج متعددة تحتاج منا لمجلدات لنقف بالفحص والدرس كيف تمت عمليات يوم السادس من أكتوبر التى حولت اليأس للرجاء، وبنصر من الله للذين صاموا وتوكلوا عليه مع إشارة البدء الله أكبر التى زلزلت الكيان الصهيوني، وأنهت غطرسته واغتصبت مصر المقولة الشهيرة بأن الجيش الاسرائيلى جيش لا يقهر، وأصبح الجيش المصرى جيش لا يقهر، فمن كان مع الله وتدرب جيدا وأخذ بالأسباب نال النصر فى غياهب الظلام واستطاع تحقيق ما يتمناه.

ما زلنا نتذكر ونبحث ما فعله الجنود فى ذكرى انتصارات أكتوبر الخالدة وسط الزحام الشديد من المشاعر والأحاسيس التى قلبت الموازين، وحولت حياة المصريين من الحزن للفرح والسعادة واستطاعت مصر أن تحفر لنفسها أسما وسط الكبار، وأصبحت التجهيزات العسكرية يتم تطويرها أول بأول فى سابقة هى الأولى من نوعها، وأصبحت مصر فى حالة سلام منذ 1973م وأصبح الجميع يهاب الجندى المصرى وإرادته التى لا يضاهيها إرادة، ففى الغرب يندهشون من التدريبات العسكرية المصرية من تنوعها وقوتها واختلافها على كل الأصعدة بالمقارنة بالتدريبات الأخرى فى الدول الأخرى.

تحية إعزاز لروح الشهداء الأبرار الذين ارتوت الأرض بدمائهم البريئة لنحصل نحن على النصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.