محمد جبر يكتب | الموازنة التشاركية أداة شفافية

0

ُعتبر الموازنة التشاركية أحد الأدوات المهمة لتعزيز الديمقراطية التشاركية، حيث تتيح للمواطنين فرصة المشاركة في عملية إعداد وتخصيص الموارد المالية العامة للدولة أو للمحليات. تعتمد هذه الآلية على إشراك المواطنين في تحديد الأولويات التنموية والخدمية التي تلبّي احتياجاتهم، مما يساهم في تحقيق الشفافية والعدالة الاجتماعية.
الموازنة التشاركية هي عملية ديمقراطية تتيح للمواطنين المشاركة المباشرة في مناقشة وتحديد أوجه الإنفاق العام على المستوى المحلي أو الوطني , وتهدف إلى تعزيز التواصل بين الحكومة والمجتمع، وزيادة وعي المواطنين بدورهم في إدارة الموارد المالية، مع ضمان تلبية الاحتياجات الفعلية للمجتمع.
ويأتي اهمية الموازنة التشاركية حيث انها اداة لتعزيز الشفافية حيث تُتيح للمواطنين الاطلاع على آليات توزيع الموارد المالية، مما يحد من الفساد ويعزز الثقة في الحكومة بجانب تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال توجيه الموارد نحو الفئات الأكثر احتياجًا وضمان توزيع عادل للخدمات وايضا تمكين المجتمعات المحلية , بإعطاء المواطنين صوتًا مؤثرًا في اتخاذ القرارات المتعلقة بالإنفاق العام وزيادة كفاءة الإنفاق العام من خلال توجيه الموارد نحو الأولويات الفعلية التي يحددها المواطنون.
ويمكن تنفيذ الموازنة التشاركية عن طريق إعداد خطة المشاركة تبدأ بتحديد الأهداف والمجالات التي يمكن للمواطنين المشاركة فيها ثم التوعية والتثقيف عبر تنظيم ورش عمل وحملات توعوية لتعريف المواطنين بعملية الموازنة ودورهم فيها جمع الاقتراحات يتم عقد لقاءات مجتمعية لتحديد الاحتياجات والأولويات وإعداد الموازنة تقوم الجهة التنفيذية بمراجعة الاقتراحات ودمجها في الخطة المالية والتنفيذ والمتابعة يتم تنفيذ المشروعات التي تم الاتفاق عليها مع متابعة مستمرة من قبل المواطنين لضمان الالتزام بالخطة وتواجه الموازنة التشاركية مجموعة تحديات ياتي علي رأسها ضعف وعي المواطنين بآليات المشاركة وغياب البنية المؤسسية التي تدعم تنفيذ الموازنة التشاركية ونقص التمويل اللازم لتنفيذ المقترحات المقدمة بجانب مقاومة بعض الجهات للتغيير واعتماد آليات شفافة في إعداد الموازنة
تعتبر تجربة مدينة “بورتو أليغري” في البرازيل من أبرز النماذج العالمية الناجحة، حيث تمكّن المواطنون من تخصيص جزء كبير من الموارد العامة لتطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية. كما بدأت بعض المدن المصرية تجربة هذه الآلية في السنوات الأخيرة لتعزيز المشاركة المجتمعية.
تُمثّل الموازنة التشاركية ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة، حيث تساعد على توجيه الموارد نحو مشروعات تخدم البيئة، وتعزز التعليم والصحة، وتدعم الفئات المهمشة. كما تساهم في خلق شراكة حقيقية بين الحكومة والمجتمع، مما يضمن استمرارية المشروعات التنموية ونجاحها.
ختامًا، تُعد الموازنة التشاركية أداة فعّالة لتحقيق الشفافية، وتعزيز الديمقراطية التشاركية، وتمكين المجتمعات من لعب دور مباشر في صنع القرار ,ومع تطبيق هذه الآلية بشكل صحيح، يمكن بناء مجتمعات أكثر شمولية وعدالة، قادرة على مواجهة التحديات وتحقيق تطلعات المواطنين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.