محمد حمادي يكتب | نصر أكتوبر ودموع الهزيمة فى عيون وقحة (١ – ٣)

0

بالرغم من مُضى 49عامًا على حرب أكتوبر 1973، فإنها مازالت محفورة فى ذاكرة التاريخ العسكرى، ولعل الأجيال الجديدة من الشعب المصرى التى لم تعايش هذه الفترة” وأنا من الذين لم يعايشوا تلك الفترة ” بدءًا من هزيمة حرب5 يونيو 1967 التى استولت فيها إسرائيل على شبه جزيرة سيناء بالكامل ورفعت أعلامها على الضفة الشرقية لقناة السويس وتوقفت حركة القناة الملاحية، والتى استمرت مدة ست سنوات ، مؤكد أن انتصار السادس من أكتوبر 1973 علامة فارقة ونقطة مضيئة فى تاريخ مصر والوطن العربي، بل العالم أجمع، وذلك بعد أن حقق الشعب المصري وقواته المسلحة نصرا وإعجازا تاريخيا، ما زال يدرس فى جميع الكليات والأكاديميات العسكرية حول العالم، ومحل تقدير واحترام من الجميع.
ونحن فى ذكرى هذا النصر العظيم، دائما ما نتذكر جمال وروعة التلاحم والتكاتف بين الشعب وقواته المسلحة، بل نتذكرها بكل فخر واعتزاز، ونتغنى دوما بنجاحات الأبطال، وعلى رأسهم الرئيس الراحل محمد أنور السادات ، بطل الحرب والسلام ، الذى إتخذ قرار الحرب ولاننسى أيضا قيادات القوات المسلحة الابطال فى تلك الفترة وعلى رأسهم المشير أحمد إسماعيل ، ولا ننسى شهداءنا الابرار الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم فداءا لهذا الوطن ،ونفخرأيضا بالمقاتل المصرى، وكيف قهر المستحيل وتغلب على الصعاب؟ وليس نحن فقط، بل ما زال الخبراء فى الشرق والغرب يناقشون ويحللون ما حدث لما فيه من إعجاز وعبقرية، ونماذج العبقرية كثيرة، ويكفينا أن نذكر عبور خط برليف أكبر مانع مائي في التاريخ.
وهنا لن تتأتى لنا رؤية واضحة وشاملة عن هذا النصر العظيم، إلا إذا استوعبنا ما يكتبه العدو، نكتب عن النصر بعيون إسرائيلية ومن خلال أبرز الشهادات التى سجّلها قادة إسرائيل عن حرب أكتوبر المجيدة، لما تمثله هذه المذكرات للقادة الإسرائيليين كوثيقة تاريخية تؤكد اعترافهم بالهزيمة فى 1973 أمام الجيش المصرى .

جولدا مائير رئيس الوزراء الاسرائيلية تقول فى مذكراتها بعنوان “حياتى” أو “إعترافات جولدا مائير” عن حرب أكتوبر:

( ليس أشق على نفسى من الكتابة عن حرب أكتوبر 1973.. ولن أكتب عن الحرب من الناحية العسكرية فهذا أمر أتركه للآخرين.. ولكنى سأكتب عنها ككارثة ساحقة وكابوس عشته بنفسى، وسيظل باقيًا معى على الدوام.. كان هذا اليوم الوحيد الذى خذلتنا فيه قدرتنا الأسطورية على التعبئة بسرعة.
كان التفوق علينا ساحقًا من الناحية العددية سواء من الأسلحة أو الدبابات أو الطائرات أو الرجال.. كنا نقاسى من انهيار نفسى عميق.. لم تكن الصدمة فى الطريقة التى بدأت بها الحرب فقط، ولكنها كانت فى حقيقة أن معظم تقديراتنا الأساسية ثبت خطؤها)

موشى ديان وزير الدفاع الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر :

( أنى أريد أن أصرح بمنتهى الوضوح بأننا لا نملك القوة الكافية لدفع المصريين إلى الخلف وأننا لا نملك القوة الكافية لإعادة المصريين عبر قناة السويس مرة أخرى.
إن المصريين يملكون سلاحا متقدما .. وهم يعرفون كيف يستخدمون هذا السلاح ضد قواتنا ولا اعرف مكانا فى العالم محميا بكل هذه الصواريخ كما هو عند مصر ..إن المصريين يملكون العديد من الأنواع المختلفة من السلاح .. وهم يستعملون كل هذه الأنواع بامتياز وبدقة متناهية .
إن المصريين يستخدمون الصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات بدقة ونجاح تام .. فكل دبابة إسرائيلية تتقدم نحو المواقع المصرية تصاب وتصبح غير صالحة للحرب.
ويستطرد وزير الدفاع الإسرائيلي و يقول :
الموقف الآن هو أن المصريين قد نجحوا فى أن يعبروا إلى الشرق بأعداد من الدبابات والمدرعات تفوق ما لدينا فى سيناء .. والدبابات والمدرعات المصرية تؤيدها المدافع البعيدة المدى وبطاريات الصواريخ والمشاة المسلحون بالصواريخ الخاصة بالدبابات .
هذا.. واننى أقول صراحة بأن سلاحنا الجوى يواجه الكثير من المصاعب .. وإننا خسرنا الكثير من الطائرات والطيارين بسبب بطاريات الصواريخ والسلاح الجوى المصري .

لقد اكتشفنا هذه الحقيقة التى تواجه سلاحنا الجوى فى الأيام الأولى وعندما قمنا بمحاوله لدفع المصريين مرة أخرى عبر القناة إلى الغرب .
اننى أقول بمنتهى الصراحة .. بأننا لو كنا قد استمررنا فى محاولتنا لدفع المصريين عبر القناة مرة أخرى ..لكانت خسائرنا فى العتاد والرجال جسيمة لدرجة أن إسرائيل كانت ستبقى بدون أي قوه عسكريه تذكر .. فان هذا يعنى دخولنا معركة عسكرية لانملك فى الحقيقة لا نملك فى الحقيقة القوة الكافية لها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.