محمد حوام يكتب | السوشيال ميديا والبرلمان

0

في زمن السرعة وتحت ضغط اللايكات والشير والكومنت، أصبحت السوشيال ميديا أكثر من مجرد منصات للتسلية أو الفضفضة. لقد تحولت إلى برلمان شعبي بديل يُصوّت فيه الناس بالكلمة والصورة، وتُرفع فيه القضايا بالمشاركة والهاشتاج. هذه التحولات الرقمية أوجدت ساحة جديدة للتعبير، حيث باتت هذه الوسائل نافذة يومية يعبر فيها المواطن عن رأيه، ألمه، حلمه، وحتى سخطه.

لكن هل أصبحت هذه الوسائل أداة حقيقية لتوصيل صوت الشعب إلى الحكومة؟ الإجابة: نعم، ولكن بشروط. فاليوم تتابع الجهات الرسمية عن كثب كل ما يُكتب على فيسبوك وتويتر وإنستجرام، وتُحلل المزاج العام من خلال التريندات، بل وتتحرك أحيانًا بسرعة لتهدئة الشارع الرقمي، سواء بتصريحات رسمية أو بقرارات عاجلة تتخذها تحت ضغط الزخم الإلكتروني المتصاعد.

كم من قضية إهمال أو واقعة فساد بدأت بمنشور غاضب؟ كم من قصة انتشرت كالنار في الهشيم وانتهت بقرارات تحقيق أو حتى إقالات؟ لقد باتت الكلمة الرقمية تملك واقعا وتأثيرا لم يكن لها منذ سنوات قليلة. ومع هذه القوة المستجدة، تأتي مسؤولية ضخمة؛ فالسوشيال ميديا ليست دائمًا مرآة دقيقة للواقع. إنها فضاء مزدحم بالأصوات، متشوش الأولويات، حيث يضيع الصوت الحقيقي أحيانًا وسط الزغاريد الإلكترونية والشتائم المجانية.

إلى جانب ذلك، فإن بعض ردود الأفعال الرسمية قد تكون شكلية أكثر منها جذرية، إذ تنتهي بانتهاء الضجة دون أن تمس جذور المشكلة. من هنا، تبقى القوة الحقيقية للسوشيال ميديا في قدرتها على التنظيم الواعي، والتحول من مجرد شكوى فردية إلى صوت جماعي ضاغط يفرض نفسه بأدب، ويقدّم البديل، لا مجرد الاعتراض.

وإذا كنا نريد أن تُترجم “البوستات” إلى “قرارات”، فعلينا أن نستخدم السوشيال ميديا بوعي، لا بانفعال. علينا أن نحترم الكلمة ونُحسن استخدامها، فالكلمة أصبحت سلاحًا، والسوشيال ميديا لم تعد ترفًا، بل سلطة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.