محمد رياض إسماعيل يكتب | نظرية المؤامرة أصبحت حقيقة (2-2)

0

تأمل ان روسيا تستهدف البنى التحتية في أوكرانيا، وتستخدم أسلوب الصدمة والترويع وهي نفس السيناريو الذي استخدمته أمريكا في حربها لاحتلال العراق، لترويع الشعب الاوكراني، في حرب تزيد فيها روسيا عدة وعددا بأضعاف، مما سهلت توغلها في الأراضي الأوكرانية دون مقاومة تذكر، وحاول الجيش الاوكراني مؤخرا ان يستعيد بعض المواقع من الجيش الروسي، فتطورت الحرب الى نوع اخر تستهدف كما ذكرت البنى التحتية في الصميم، وبالأخص منظومة الكهرباء، تماما كما فعلت أمريكا مع العراق في حرب تحرير الكويت، أي (نفس سيناريو الكاتب للمخططين). وباتت الخارجية الروسية تؤكد استمرارها في تدمير الكهرباء الحالية، التي تتجاوز شرق نهر الدنيبر وعلى طول ساحل البحر الأسود باتجاه أوديسا، الى مدى وعمق تؤمن منطقة منزوعة السلاح – كاملة مع أرض محايدة – غرب نهر الدنيبر لحماية المناطق الروسية من مدفعية الناتو وصواريخها بعيدة المدى! وصرح لافروف أيضا بانه “لا يمكننا السماح للجزء من أوكرانيا الذي سيتحكم فيه فلاديمير زيلينسكي، أو من يحل محله، بامتلاك أسلحة تشكل تهديدا مباشرا لأراضينا أو للجمهوريات التي أعلنت استقلالها وتريد تحديد مستقبلها!». ومن جهة أخرى تضيق الحكومة الأمريكية الخناق على روسيا بحرب جديدة من الناحية الجيواقتصادية، في محاولة السيطرة على ممرات الطاقة وتحديد سعرها. لا تزال روسيا غير منزعجة (حيث تواصل الاستثمار في خطوط الانابيب نحو آسيا)؛ ترسخ ممر النقل الدولي متعدد الوسائط بين الشمال والجنوب، مع الشركاء الرئيسيين الهند وإيران؛ ويحدد سعر الطاقة عبر أوبك +.
تدس الاوليغارشية والمحافظين الجدد والليبراليون، برجالها الى أجهزة الاستخبارات الانجلو أمريكية، لدس الفيروسات في حربها بالوكالة ولن يلينوا عن هذه الفكرة لأنهم يوازنون الحرب للحلف الاطلسي وروسيا لحد ازالتهما كقوى حاكمة من الوجود في برد الشتاء القارص!
على الأرض، ما يجري حتى الآن هو في الغالب مناوشات، وبعض المعارك الحقيقية. ولكن مع حشد موسكو قوات جديدة لشن هجوم شتوي، قد ينتهي الأمر بالجيش الأوكراني إلى الهزيمة بالكامل. لم تكن روسيا تبدو سيئة للغاية، بالنظر إلى فعالية ضربات مدفعية رشاش التقطيع ضد المواقع المحصنة الأوكرانية، والانسحابات المخطط لها مؤخرا أو الحرب الموضعية، مما أدى إلى انخفاض الخسائر أثناء تحطيم قوة النيران الأوكرانية الذابلة. يعتقد الغرب الجماعي أنه يحمل ورقة الحرب بالوكالة عن أوكرانيا. تراهن روسيا على الواقع، حيث الأوراق الاقتصادية هي الغذاء والطاقة والموارد وأمن الموارد والاقتصاد المستقر. وهذا يترجم إلى أن كل شيء يتضخم فيما يتعلق بمشروع تدمير أوروبا. إلغاء التصنيع وتجميد وحرق الخشب مع مباركة “مصادر الطاقة المتجددة” في مذبح القيم الأوروبية.
وفي الوقت نفسه، وكأن الاتحاد الأوروبي المنتحر في مجال الطاقة لم يكن مضطرا لمواجهة هرم من المحن، فمن المؤكد أنه يمكن أن يتوقع أن يطرق أبوابه ما لا يقل عن 15 مليون أوكراني يائس يهربون من القرى والمدن التي لا طاقة كهربائية فيها. محطة السكك الحديدية في خيرسون – المشغولة مؤقتا – هي مثال بياني، يظهر الناس يهرعون باستمرار للتدفئة وشحن هواتفهم الذكية. المدينة ليس بها كهرباء ولا تدفئة ولا ماء. التكتيكات الروسية الحالية هي النقيض المطلق للنظرية العسكرية للقوة المركزة التي طورها نابليون. ان هذه الحرب جنة للصوص الأوليغارشي اللذين يتغلغلون في جهاز الاستخبارات / الأمن الأنجلو أمريكي بذريعة انهم لا يستطيعون تحمل خسارة حرب أخرى في حلف شمال الأطلسي، وعلى رأسها ضد “التهديد الوجودي” روسيا. اختار الغرب الجماعي عمدا عدم تمويل الثقب الأسود. معظم حقن صندوق النقد الدولي سرقت ببساطة من قبل الأوليغارشية، وتم نقل المسروقات إلى خارج البلاد. كان هؤلاء اللصوص الأوليغارشيون بالطبع “محميين” من قبل المشتبه بهم المعتادين.. من المهم دائما أن نتذكر أنه بين عامي 1991 و1999 سرق ما يعادل ثروة الأسرة الحالية بأكملها في روسيا ونقلها إلى الخارج، معظمها إلى لندن. الآن يحاول نفس المشتبه بهم المعتادين، تدمير روسيا بالعقوبات. الفرق هو أن خطة استخدام أوكرانيا كمجرد بيدق في لعبتهم لا تعمل. وان دور بوتين لا تختلف عن دور الطبقات السياسية الحاكمة في الشرق الأوسط للتعامل مع أعداء الاوليغارشية أينما كانت مؤثرة لتوازناتها.. ألاوليغارشية التي تحكم العالم ستنفرد في سعيها لدعم أمريكا لمواجهة التنين الصيني، الذي سيجد نفسه منفردا في هذه المواجهة، منهارا بلا أسواق واستثمارات مالية خارجية، في عالم تحكمه سطوة الاوليغارشية من خلال عملائها من رؤساء جاءت بهم الى السلطة في هذه اللعبة الكبيرة ووفرت لهم سبل البذخ والحكم كملوك.. وتبقى الشعوب ضحية لهذه المؤامرات الكارثية، في ظل عالم يتشكل من جديد.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.