محمد زكريا توفيق يكتب | توت عنخ أمون (٢-٣)

0

من كان يدير شئون الحكم، والملك لايزال طفلا؟ الوزير ” خبر خبر رع أي”. كان يساعده “حور محب”، قائد الجيش في ذلك الوقت. قام الرجلان، بإعادة الديانة القديمة، التي تؤمن بالتعدد. وقام الملك “توت عنخ أتون”، بتغيير اسمه إلى “توت عنخ أمون”. ثم أعاد العاصمة إلى طيبة، كما كانت من قبل.

حاول النظام الجديد إعادة العلاقات الجيدة بين مصر وجيرانها. الدبلوماسية في عهد “توت عنخ أمون”، كانت ناجحة. إلا أنه قد قامت بعض المعارك مع بلاد النوبة والآسيويين، بسبب الحدود وتأمين طرق التجارة.

كان الجيش يقوم بتدريب “توت عنخ أمون”، لإعداده كقائد عسكري. وهناك بعض الدلائل، على أنه كان رامي نشاب ممتاز. لكنه لم يشترك، ربما بسبب صغر سنه، في أي معركة حربية مع الأعداء.

العودة لديانة أمون والتعدد الديني، ربما كان دافعها، الحنين إلى الماضي، والأمل في رضاء الآلهة، لكي تعود مصر إلى سالف عهدها وإمبراطوريتها التي بدأت في التفكك، بسبب إهمال إخناتون.

ثم بدأت الأوامر لإصلاح المعابد القديمة في الكرنك. وتجديد تمثال الأسد المنحوت من الجرانيت الأحمر الخاص بالملك أمنحتب الثالث، التمثال موجود حاليا بالمتحف البريطاني.
توفى الملك “توت عنخ أمون” فجأة في سن 19 سنة. لم يكن له أولاد ترث الحكم. هذا سبب ربكة أخرى لإدارة شئون البلاد. عند وفاته، أرسلت زوجته، وهي أخته في نفس الوقت، “عنخ إسن أمون”، إلى ملك الحيثيين (تركيا حاليا)، تطلب الزواج من أحد أبنائه.

إلا أن العريس، أثناء قدومه إلى مصر، توفى أو قتل في الطريق. محاولة الملكة الأرملة، طلب النجدة من الحيثيين، باءت بالفشل على أيدي الوزير “أي” وقائد الجيش القوي “حور محب”. ماذا حدث للملكة الأرملة بعد ذلك؟ تزوجت من الوزير “أي”، واختفت من المشهد ومن التاريخ.

دفن “توت عنخ أمون” في قبر بوادي الملوك. تم دفنه، بسبب موته المفاجئ، في عجالة في قبر صغير، لا يناسب حتى نبيل متواضع. الجسمان حفظ بالطريقة التقليدية في التحنيط. وبعد 70 يوم، كما تقضي التقاليد، أغلق عليه القبر وختم بالشمع.

بعد موت “توت عنخ أمون”، لا يوجد لإسمه أي ذكر. لذلك، ظل مجهولا بعيدا عن البحث والتنقيب والسرقة، فقد مكانه في وادي الملوك، وهيل فوقه التراب من فحت ورمال قبور أخرى. إلى أن تم اكتشافه عام 1922م.

عندما دخل “هوارد كارتر”، ومعه الأثري “جورج هيربرت” و “إيرل كارنافون” إلى الغرف الداخلية لمقبرة “توت عنخ أمون”، وجدوا كل محتوايات المقبرة سليمة. هذا شئ يشبه المعجزات.

في أحد الغرف، على جدرانها لوحات تحكي قصة جنازة “توت عنخ أمون، وتصف رحلته إلى العالم الآخر. داخل الغرفة يوجد أيضا، أواني تحتوي على حاجته أثناء الرحلة.

مثل الزيوت والعطور واللعب التي كان يستخدمها في طفولته، وجواهره، وتمثال له من الذهب الخالص وتمثال آخر من خشب الأبنوس.

الشئ المبهر حقا، هو التابوت الحجري الذي بداخله ثلاث توابيت، واحد داخل الآخر. التابوت الثالث، مصنوع من الذهب الخالص. عندما رفع غطاء التابوت الثالث، ظهرت مومياء الملك الشاب، محفوظة لأكثر من 3000 سنة.

عندما فحص الأثريون المومياء، وجدوا قطع أثرية أخرى، مثل: أساور، خواتم، أطواق. لمدة 17 سنة، ظل “هوارد كارتر”، ومساعدوه، يفحصون محتويات الغرف الأربعة بالقبر.

ليكتشفوا مجموعة من القطع الأثرية التي ليس لها مثيل. لا يقدر ثمنها، ويبلغ عددها مئات القطع. ووجد أيضا، كرسي العرش. وهو الوحيد الذي وصل لنا من حضارة قدماء المصريين.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.