محمد سامح حسونة يكتب | انتخابات الشيوخ بين القانون والتمثيل الوطني

0

تُعد انتخابات مجلس الشيوخ محطة ديمقراطية فارقة في مسار الحياة النيابية المصرية، وتجسيدًا حيًا لإرادة الشعب في المشاركة بصناعة القرار وصياغة المستقبل. فالمجلس، بما يمثّله من سلطة تشريعية عليا، يُعنى بملفات مصيرية تمسّ حاضر الوطن وتستشرف آفاقه، ويضطلع بدور مكمل لمجلس النواب في سنّ القوانين ودراسة التشريعات ذات البُعد الاستراتيجي.تأتي أهمية انتخابات مجلس الشيوخ من كونها تجسد مبدأ التوازن التشريعي، حيث يُعهد للمجلس مراجعة القوانين، وإبداء الرأي في الاتفاقيات الدولية، ومساندة الدولة في رسم السياسات العامة. ومن هنا، لا تُعد المشاركة في انتخاب أعضائه رفاهية سياسية، بل واجبًا وطنيًا يعكس وعي المواطن ويؤكد انخراطه في صياغة القرار.

تُعد انتخابات مجلس الشيوخ واحدة من أهم صور ممارسة الحقوق السياسية المقررةللمواطن بموجب الدستور المصري في مادته (87)، التي تنص على أن “مشاركة المواطن في الحياة العامة واجب وطني، ولكل مواطن حق الانتخاب والترشح وإبداء الرأي في الاستفتاء، وينظمه القانون”.

وقد أُنشئ مجلس الشيوخ بموجب القانون رقم 141 لسنة 2020، تنفيذًا لما ورد بالدستور المعدل في 2019، وتحديدًا المواد (248–254)، والتي حدّدت اختصاصاته في دعم العملية التشريعية، وإبداء الرأي في مشروعات القوانين، وخطط التنمية، والسياسات العامة للدولة، فضلًا عن دوره في مناقشة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.

وتُناط بالمجلس اختصاصات استشارية وتشريعية مُكمّلة لاختصاصات مجلس النواب، أبرزها:
– دراسة واقتراح التعديلات الدستورية.
– مناقشة القوانين المكملة للدستور قبل إحالتها إلى مجلس النواب.
– إبداء الرأي في السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية، والمعاهدات الدولية.

وتأتي أهمية هذه الانتخابات باعتبارهامظهرًا من مظاهر سيادة القانون، وتجسيدًا حيًا لمبدأالفصل بين السلطات، إذ يساهم المجلس في تحقيق التوازن التشريعي إلى جانب مجلس النواب، ويعزز رقابة السلطة التشريعية على الحكومة.
ومن الناحية القانونية، يباشر الناخبون حقوقهم وفقًا لأحكام قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 45 لسنة 2014، الذي يضع الإطار الإجرائي والموضوعي للعملية الانتخابية، بدءًا من القيد في الجداول، ومرورًا بالترشح، وانتهاءً بإعلان النتائج، تحت إشراف الهيئة الوطنية للانتخابات المنصوص عليها في المادة(208)من الدستور.

وتُعتبر المشاركة في الانتخابات، من حيث المبدأ، واجبًا مدنيًا له حماية قانونية، حيث جرم القانون الامتناع المتعمد عن الإدلاء بالصوت إذا ترتب عليه تأثير على نتيجة الانتخاب.
إن التفاعل مع انتخابات مجلس الشيوخ ليس فقط تعبيرًا عن الانتماء الوطني، بل هو ممارسة لحق دستوري محمي، ومسؤولية قانونية في بناء الدولة الديمقراطية الحديثة.إن المرحلة المقبلة تتطلب تمثيلًا وطنيًا صادقًا، قائمًا على الكفاءة والخبرة، لا على الشعارات أو المصالح الضيقة. فمجلس الشيوخ ليس منبرًا للكلام، بل منصة للرؤية والمساءلة والإصلاح.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.