محمد سيف الله يكتب | الإصلاح الاقتصادي والعدالة الاجتماعية

0

تتلخص أحلام الناس بشكل مبسط في درء الخوف وسد الجوع، كما ورد في قوله تعالى: (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) الآية 4 سورة قريش.
منذ 2014، مع إقرار دستور جديد للبلاد والدولة المصرية تسعى لتوطيد استقرارها الأمني والسياسي والحد من مخاطر الإرهاب وتقلبات الصراعات الإقليمية والدولية من ناحية. وعلي جانب أخر تسخر الدولة الكثير من جهودها لتحقيق التنمية المنشودة التي أشار إليها الدستور في المادة 8 بصيغة “بما يضمن الحياة الكريمة لجميع المواطنين” وفي المادة 27 بأكثر من إشارة منها :” من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، بما يكفل رفع معدل النمو الحقيقي للاقتصاد القومي، ورفع مستوى المعيشة، وزيادة فرص العمل وتقليل معدلات البطالة، والقضاء على الفقر” ومنها صيغة :” ضمان تكافؤ الفرص والتوزيع العادل لعوائد التنمية وتقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات يضمن الحياة الكريمة” .
بناء على ما تقدم لو ركزنا الحديث هذه المرة صوب قضية التنمية سنجد هناك معضلتين: تحقيق طفرات كفاية في معدلات النمو الاقتصادي والاستثمار وغيرها من المؤشرات لتكون هناك قدرة من الأساس لتعافي الاقتصاد بشكل مبدئي Generation Issue . وضرورة أن يترجم النجاح المتمثل في التقدم في المؤشرات الاقتصادية والمالية إلى شيء ملموس في حياة الناس من حيث شعور المواطن بثمار ذلك النجاح وينعكس عليه في مستوي المعيشة Allocation Issue.
بالنسبة للنقطة الأولي فبرغم الجائحة وكل ما مر به الاقتصاد المصري والعالمي من ارتباك في قطاعات عدة بسبب تعطل سلاسل الإمداد وارتفاع عناصر التكلفة والتخوفات من حدوث ركود تضخمي نجح الاقتصاد المصري وفقا لتصريحات وزيرة التخطيط في 24 نوفمبر عام 2021 من حيث تحقيق مؤشرات إيجابية جدًا نحو التعافي استعرضت في اجتماع مجلس الوزراء، مشيرة إلى تحقيق الربع الأول من عام 2021 مؤشرات قياسية في النمو على امتداد عقدين وتوقعات بانتهاء العام على معدلات الإيجابية في حدود 5 ونصف في المئة. أشارت الوزيرة في العرض إلي تعافي قطاع المطاعم والفنادق وارتفاع حصيلة قناة السويس مع عودة حركة التجارة العالمية واستمرار حفاظ قطاع الاتصالات على نموه حتى أثناء الجائحة وتحسن قطاع الصناعات التحويلية بعد انكماشه وغيرها من الإيجابيات. أضافت الوزيرة بجانب كل ذلك إلي وصول احتياطي النقد الأجنبي إلى 40.8 مليار دولار في سبتمبر 2021 (مما يعني قدرة أكبر علي تغطية الاحتياجات الأساسية للمواد الغذائية وغيرها أثناء الأزمات). لقد عزز تحسن هذه المؤشرات فرص حصول مصر على حزم تمويلية جديدة أخرها مليار دولار من صندوق التعاون الكوري لدعم جهود التنمية في مصر.
بالنسبة للنقطة الثانية فيجب الإشارة إلى أنه قبل 2011 كانت هناك مؤشرات إيجابية متحققة بالفعل منها مثلا معدل نمو وصل 7% للعام 2007-2008 ولكن كما أشار أحد وزراء الحكومة الحالية حينما كان رئيس أحد شركات تداول الأوراق المالية في تصريح لجريدة المال في 17 مايو2015 إلى أن ارتفاع معدلات النمو لا يعني بالضرورة تحقيق تنمية اقتصادية تحقق العدالة الاجتماعية. كما وضحنا من قبل المؤشرات مهمة وضرورية ولكنها غير كافية فيجب ان يتبعها إجراءات إصلاح هيكلية تعيد توزيع ثمار تلك النجاحات ولعل مبادرات مثل حياة كريمة وبرامج مثل تكافل وكرامة مثال علي وجود المساعي في هذا الاتجاه يتبعها القرار الأخير الشهر الحالي برفع الحد الأدني للأجور إلى 2700 جنيه ليصل إجمالي مخصص بند الأجور في الموازنة العامة إلى 400 مليار جنيه.
يظل تحويل دور القطاع الخاص إلى دور رئيسي في صنع القرار الاستثماري مربط الفرص نحو استدامة مساعي تحفيز النمو وتحقيق عدالة توزيعه معا كما أكد تصريح رئيس الجمهورية في افتتاح مصنع كيما2 بأسوان بشرط أن يرافق ذلك الاستثمار في العنصر البشري ورفع إنتاجية الفرد وتأهيله وتدريبه بالشكل المناسب لسوق العمل مع تمثيله بشكل فعال يحفظ له حقوقه بالتوازي مع قيامه بواجباته تجاه العمل.
في مصر اختلف المجتمع أحيانًا كثيرة على أمور تتعلق بالثقافة العامة والأيدولوجيات السياسية والخلفيات الاجتماعية تترجم من حين إلي أخر لترند خلافي علي موضوع معين، أخرها الخلاف علي عرض محتوي فني ما للجمهور ولكن تظل كلمة السر التي يجمع عليها كل المصريين في الداخل والخارج، مؤيد ومعارض، محافظ وليبيرالي ومحل توافق الجميع: “أكل العيش”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.