محمد شهاب يكتب | حرب الكلمة

0

الله وحده يدري لماذا تمر برأسي في هذه اللحظة بالتحديد كلمات الشاعر الكبير عبد الرحمن الشرقاوي في مسرحيته الشهيرة “الحسين ثائرًا حيث يقول: “أتعرف ما معنى الكلمة؟ مفتاح الجنة في كلمة، ودخول النار على كلمة، وقضاء الله هو الكلمة. الكلمة لو تعرف حُرمة، زاد مذخور، الكلمة نور، وبعض الكلمات قبور، وبعض الكلمات قلاع شامخة يعتصم بها النبل البشري، الكلمة فرقان بين نبي وبغي”.
كلمات كتبها الشاعر منذ أكثر من خمسين عامٍ تقريبًا، وكأنه كان يري المستقبل ويري كيف أن الكلمة الآن أصبحت أقوى من السلاح. وقد يخطئ البعض حينما يظن أننا نعيش في زمان الأمن من الحروب وما يترتب عليها من أضرار كبيرة جدًا وجسيمة للغاية على الاقتصاد الوطني.
ينظر البعض للحروب على إنها إزهاق للأرواح ودفن للأجساد واحتلال واستعمار وسخرة وعبودية، ولكن الحقيقة أننا نعيش في وسط حروبٍ أكثر ضراوة وخطرًا من كل الحروب السابقة؛ وهي ما يُطلق عليها حروب الجيل الرابع والخامس والتي لا تواجه بالدبابة او المدفع ، بل موجهة لعقل الإنسان ولا نبالغ حين نقول أن هذه الحروب شديدة الخطورة على الوطن حيث تكمن خطورة هذه الحروب في محاربة العقل والوعى والفكر ، ليصبح الوطن تابعاً لغيره دون أن يدري ، ولتصبح عقول الشعوب في يد غيرها وهي لا تعلم، ويصبح الفكر إملاءات علينا وليست إملاءات منا ،فأصبح بعض الأحياء أموات دون علمهم، وصارت الشعوب خاضعة وهي تظن أن رأسها مرفوعة ، فلم يعد السلاح كما كان متعارفاً عليه في الحروب القديمة، لهذه الحروب أسلحة مختلفة تماما مثل (الإرهاب، والحرب النفسية، والإشاعات، وهدم انجازات الدولة، ونشر الفساد). وهنا لا يمكننا أن نغفل دور الإعلام وما يلعبه من خلال ما يسمى بمواقع التواصل الاجتماعي وما يبثه من سموم في عقول الشباب ويستخدم في ذلك مجموعة من الحسابات الوهمية لنشر الأخبار الكاذبة والمفبركة علي أوسع نطاق، وأكثر من ذلك بكثير فهذه الأسلحة موجهة لعقل المواطن لتشكيكه في الدولة، ولهدم مؤسساتها، وبث الشعور بالإحباط وتحويل كل مشروعات الدولة لتكون موصوفة بالفشل إن هذا النوع من الحروب يهدف إلي تفتيت مؤسسات الدولة الأساسية والعمل على انهيارها أمنيا واقتصاديا، وتفكيك وحدة شعبها من خلال الإنهاك والتآكل البطيء للدولة ، وفرض واقع جديد على الأرض لخدمة مصالح العدو ، وتحقيق نفس أهداف الحروب التقليدية بتكلفة أقل. وهنا تبذل الدولة جهدا كبيرا في التصدي لتلك الحروب الموجهة ناحية بلادنا الحبيبة ومن اهمها المضي بسرعة وثبات نحو التنمية في جميع نواحي الدولة المختلفة ومحاربة الفساد قدر المستطاع وقد يخطئ الكثيرون حينما يعتقدون أن للتنمية وجهًا واحدًا فقط، بل علينا أن ننتبه أن هناك وجوها أخرى مثل التصدي لتلك الحروب الدائرة حولنا ولا يعلم عنها الكثيرون شيئا ، لذلك وجب علينا كشعب عاشق لوطنه أن نفيق ونستيقظ لكل ما يحاك حول بلادنا العزيزة مصر ، ولنحمد الله سبحانه وتعالى أننا استطعنا إلى حد كبير بفضل شعبنا العظيم ومؤسسات الدولة وجيشنا الصمود والتغلب على هذه الحرب الجديدة ، وهذا ما لم تنجح فيه معظم الدول التي تعرضت لهذه الحروب لذلك وجب علينا جميعا التكاتف لبناء الوعى لكي ننتصر في معركة الوعي والكلمة والمحافظة علي بلادنا الحبيبة .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.