محمد عبد الكريم يوسف يكتب | الاقتصاد الأزرق

0

تعتبر السواحل والمحيطات من أكثر النظم الإيكولوجية إنتاجية على كوكب الأرض حيث توفر مجموعة من الخدمات التي تدعم النشاط الاقتصادي والنمو الاقتصادي بشكل مباشر وغير مباشر. وتشمل الخدمات الحماية من المخاطر الطبيعية وتنظيم الطقس وتحقيق الاستقرار للخط الساحلي واحتباس الكربون ومصائد الأسماك البرية وتوليد الطاقة من الرياح والأمواج والنفط البحري وإنعاش التجارة المرتبطة بالبحر والسياحة بالإضافة إلي الخدمات الأخري التي توفر الأساس لما يقدر بـ 3 إلي 5 تريليون دولار من النشاط الاقتصادي العالمي السنوي للمحيطات. وفي بعض دول شرق آسيا، يمكن أن يمثل اقتصاد المحيط ما يقارب 15-20٪ من إجمالي الناتج المحلي.
برز مفهوم ” الاقتصاد الأزرق” كمقاربة مهمة لدفع التنمية المستدامة للسواحل والمحيطات وعدد من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والمنتدي الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) إلي جانب العديد من اقتصاديات شرق آسيا حيث تنادت الدول والمنظمات لتطوير الاقتصاد الأزرق في المنطقة وقد وقع وزراء من عشر دول شرق آسيا على إعلان تشانغوون في عام 2012 مؤكدين التزامهم بتطوير الاقتصاد الأزرق.
يلعب القطاع الخاص دورا جوهريا في بناء الاقتصاد الأزرق. وفي جميع مجالات الاقتصاد، يُقدر أن التكاليف الخارجية المائة الأولي للأعمال البيئية تبلغ حوالي 4.7 تريليون دولار في السنة. وتدرك الشركات بشكل متزايد القيمة الكامنة في إدارة القضايا البيئية والاجتماعية، والتي قد تصل إلي 25٪ -70٪ من الأرباح قبل احتساب الفوائد والضرائب والإهلاك والإطفاء. (EBITDA)تظهر أكثر من 50 دراسة الآن أن الشركات الرائدة في الأداء البيئي والاجتماعي تتفوق مالياً على أقرانها من الشركات الأقل اهتماما بالاستدامة.
الصناعات التي تقوم على الاقتصاد الأزرق: الشركات في عدد من الصناعات في شرق آسيا هي في وضع جيد للاستفادة من الجهود الإقليمية لبناء اقتصاد أزرق، وتقيم شراكة مع الحكومات لتطوير الاستثمارات وضمان استدامة عملياتها الساحلية والبحرية. ومن بين هذه الصناعات يمكن أن نذكر: مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية.
يوجد في شرق آسيا ثمانية بلدان من بين أفضل خمسة عشر دولة منتجة للأسماك في العالم، وتبلغ قيمة صادراتها 136 مليار دولار. وتمثل آسيا 84 في المائة من جميع العاملين في قطاع مصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية في العالم و68 في المائة من أسطول الصيد العالمي. وبحلول عام 2030، قد تستهلك آسيا 70٪ من الأسماك على مستوي العالم.
الموانئ والشحن والنقل البحري: يتم نقل حوالي 90 في المئة من جميع السلع في العالم عن طريق الشحن البحري. وتتمركز خمسة من أصل ستة اقتصاديات شحن في العالم في شرق آسيا، إلي جانب تسعة من أكبر عشر موانئ للحاويات هي الأكثر ازدحاما (من حيث الحجم).
السياحة والمنتجعات والتنمية الساحلية: تولّد السياحة والسفر حوالي 7.6 تريليون دولار سنوياً وتشكل 9.8٪ من إجمالي الناتج المحلي العالمي وتدعم 1 من كل 11 وظيفة في العالم. وتقوم ما نسبته 80 في المائة من السياحة في المناطق الساحلية وعلى الشواطئ والشعاب المرجانية بين الوجهات السياحية الأكثر شعبية. وقد أظهرت السياحة الدولية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ نمواً أقوي من بقية أنحاء العالم.
النفط والغاز: من المتوقع أن يزداد الطلب على الطاقة في آسيا بنسبة 40٪ بحلول عام 2022، وستصبح الصين أكبر مستهلك للنفط في العالم. وعلى الصعيد العالمي، يمكن أن تشكل الحقول البحرية حوالي 34٪ من إنتاج النفط الخام في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2025. وستكون آسيا المشتري العالمي الرئيسي للغاز الطبيعي المسال (LNG) في العقد القادم وهذا يتطلب بنية تحتية ساحلية كبيرة.
التصنيع الساحلي: تمثل آسيا ما يقرب من نصف إجمالي الإنتاج الصناعي العالمي، نصف هذا الناتج يأتي من الصين. تمثل المنطقة الأسيوية 7٪ من الصادرات العالمية، مما يجعلها رابع أكبر منطقة تصدير في العالم بدءا من قطع غيار السيارات في تايلاند إلى الملابس والمنسوجات في فيتنام. وتقع أقوي 5 دول لبناء السفن في العالم كله في شرق آسيا.
التنقيب في قاع البحر: يستمر الطلب على المعادن في الزيادة لكن الاحتياطيات المعروفة لبعض الموارد تتضاءل. يحتوي قاع المحيط على رواسب معدنية ذات قيمة اقتصادية تشمل الذهب والنحاس والكوبالت والنيكل والمعادن الأرضية النادرة. وتحتوي بعض رواسب البحار العميقة على خامات تصل إلى 10 أضعاف نسبة المعادن مقارنة بالودائع الموجودة على الأرض.
الطاقة المتجددة: تمتلك مصادر الطاقة المتجددة القابلة للاستغلال من الناحية الفنية القدرة على تلبية احتياجات الطاقة العالمية الحالية. ومن المتوقع أن تنتج آسيا والمحيط الهادئ 1.5 غيغاوات من الطاقة الجديدة لطاقة الرياح بحلول عام 2020، وتعمل الحكومات في المنطقة بنشاط على البحث عن طرق لتطوير موارد الطاقة البحرية بما في ذلك الموجة والمد والجزر والتدرج الحراري والكتلة الحيوية.
التكنولوجيا الحيوية البحرية: توفر البيئة البحرية أفاقا جديدة للموارد البيولوجية لتطوير مجموعة من المنتجات من المستحضرات الصيدلانية والمواد الكيميائية إلى منتجات العناية الشخصية. ومن المتوقع أن ينمو الطلب على المستحضرات الصيدلانية من الأنواع البحرية إلى 6.8 مليار دولار بحلول عام 2019. وتعتبر كل من الصين وكوريا واليابان وماليزيا والفلبين جميعًا من الدول المتقدمة في مجال التكنولوجيا الحيوية البحرية في استراتيجياتها الاستثمارية وخطط نموها.
التكنولوجيا البحرية والخدمات البيئية: هناك حاجة كبيرة في السوق للشركات التي تقدم التكنولوجيا البحرية والخدمات البيئية بما في ذلك الاستجابة للتسرب النفطي والاستشارات البيئية والخدمات العلمية البحرية وحلول تكنولوجيا المعلومات والبيانات وغيرها. وعلى سبيل المثال، هناك حاجة لتكنولوجيا وخدمات معالجة مياه الصرف لمعالجة 65٪ من مياه الصرف الصحي في آسيا التي يتم إغراقها في المحيط دون أي معالجة. هناك حاجة إلى حلول تقنية المعلومات لمكافحة الصيد غير القانوني دون إبلاغ ودون تنظيم الصيد غير القانوني وغير المنظم وغير المعلوم (IUU) وهي مشكلة تكلف ما يقدر بنحو 23.5 مليار دولار سنويًا.

المقال مترجم عن مقال لمنظمة منع وإدارة التلوث البحري في بحار شرق أسيا PEMSEA
العنوان الأصلي للمقال والمصدر:
Blue economy , Pemsea , http://pemsea.org/our-work/blue-economy

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.