محمد عبد المنعم يكتب | اليوم العالمي لمكافحة الفساد

0

كان يوم التاسع من ديسمبر الماضي، هو اليوم العالمي لمكافحة الفساد، وفي اليوم العالمي لمكافحة الفساد، نقف جميعًا وقفة تأمل وتفكر أمام هذه الآفة، التي تحاول التغلغل في مجتمعاتنا، ولكنها لا تفعل ذلك من تلقاء نفسها، بل هي نتاج أفعال البشر واختياراتهم. وهذا ما تؤكده كلمات الله عز وجل في قوله تعالى: “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”، (الروم: 41).
الفساد ليس مجرد اختراق للقوانين، بل هو ظاهرة تهدد العدالة الاجتماعية، وتؤدي إلى ضياع الحقوق وتدهور القيم. ومع ذلك، فإن مواجهته ليست مستحيلة، بل تبدأ من وعي الأفراد والتزامهم بالأخلاق والقوانين، مرورا بإجراءات مؤسسية تعزز النزاهة والشفافية.
ولأن الفساد يشكل خطرا حقيقيا على التنمية المستدامة واستقرار المجتمعات، فإن الوقوف في وجهه، يتطلب وعيا كبيرا وإصرارا على الإصلاح. فكل خطوة نحو النزاهة، هي خطوة نحو مستقبل أكثر إشراقا.
وفي إطار الجهود الحثيثة لمواجهة الفساد وتعزيز النزاهة، تأتي الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد كمنارة علمية وتدريبية تهدف إلى تأهيل الكوادر الوطنية لمكافحة هذه الظاهرة. وتعمل هذه الأكاديمية على تقديم برامج متخصصة لنشر الوعي بأهمية الشفافية والنزاهة، بالإضافة إلى تطوير القدرات المؤسسية للأفراد والهيئات لمواجهة الفساد بفعالية.
إن دور الأكاديمية، يُعد ركيزة أساسية في بناء مجتمع قائم على قيم العدل والمساواة، ما يساهم في تحقيق التنمية المستدامة وضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
وأقول إن مكافحة الفساد، ليست مسئولية الحكومات وحدها، بل هي واجب مشترك بين المجتمع بأكمله. فبالتكاتف، يمكن بناء مجتمع أكثر نزاهة وعدلا. ويأتي هذا اليوم، ليذكرنا بأهمية تعزيز قيم الصدق والأمانة في حياتنا اليومية، وفي كل قراراتنا ومعاملاتنا.
وكم من يدٍ أفسدت ما بناهُ ذوو العزمِ في جهدهم والبناءِ
فلا تخدعنكَ زخارف دنيا بها يُشترى الظلمُ في الخفاءِ
نزاهتكَ دربٌ إلى المجدِ تمضي وعزّك بين الورى في العطاءِ
فلتبصر الحقّ مهما أظلمت دروبُ الحياةِ بليل الجفاءِ
لنجعل هذا اليوم دعوة صادقة للتغيير، بأن نبدأ بأنفسنا، ونربي أجيالنا على قيم النزاهة واحترام القانون، ونسعى جميعا لبناء وطن خالٍ من الفساد، قائم على العدالة والتنمية المستدامة. فالإصلاح يبدأ بخطوة، والأمل يبدأ بفكرة، والمستقبل يبدأ بأيدٍ نظيفة ونفوس مخلصة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.