محمد عزت يكتب | التحديات والاستجابة العالمية لتغير المناخ

0

تواجه دول العالم تحديا ضخما لتصميم وتطبيق استجابة سياسية دولية لخطر تغير المناخ العالي تكون مقبولة علميا ورشيدة اقتصاديا وعملية سياسيا.

ومن المعروف أن الدول المتقدمة الغنية مسؤولة بشكل كبير عن معظم الانبعاثات الضارة بالبيئة والتى تراكمت بالفعل فى الغلاف الجوى، حيث تمثل الانبعاثات من دول قارة أفريقيا بأكملها على سبيل المثال ما نسبته حوالي ٤٪؜ من اجمالي الانبعاثات عالميا، وتمثل الانبعاثات من مصر حوالي ٠.٦ ٪؜.
لكن الدول النامية أيضا من المتوقع أن يزداد انبعاثاتها من الغازات الدفيئة خلال هذا القرن بشكل أكبر بكثير من الوضع الحالي إذا لم تبذل مجهودات لتغيير مسار التنمية لكي تكون أكثر استدامة وتأخذ فى الاعتبار الأبعاد الكثيرة والتداعيات لهذا الموضوع بالنسبة إلى البيئة والاقتصاد والطاقة والتنمية المستدامة.
بحلول عام 1995، بدأت العديد من بلدان العالم مفاوضات من أجل تعزيز الاستجابة العالمية لتغير المناخ، وبعد ذلك بعامين، أعتمد بروتوكول كيوتو الذي يلزم الأطراف من البلدان المتقدمة قانوني بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية الضارة بالبيئة. وبدأت فترة الالتزام الأولى للبروتوكول في عام 2008 وانتهت في عام 2012. وبدأت فترة الالتزام الثانية في 1 يناير 2013 وستنتهي في عام 2020.
يوجد الآن 197 طرفا في الاتفاقية و192 طرفا في بروتوكول كيوتو وفي المؤتمر الـ 21 للأطراف الذي تم عقدة في باريس عام 2015 تم التوصل إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية إلى اتفاقية تاريخية لمكافحة تغير المناخ، وتسريع وتكثيف الإجراءات والاستثمارات اللازمة لتحقيق مستقبل مستدام منخفض الكربون.
لأول مرة تتحد جميع الدول تقريبا إلى قضية مشتركة للقيام ببذل جهود طموحة لمكافحة تغير المناخ والتكيف مع آثاره، مع تعزيز الدعم لمساعدة البلدان النامية على القيام بذلك، وتم صياغة أهداف للانبعاثات محددة لجميع الدول. وعلى هذا النحو، فإنه يرسم مسارا جديدا في جهود المناخ العالمي.
هذا الاقتراح مبنى على أساس بروتوكول كيوتو لكنه يقويه بطرق مهمة فهو يحاول أن يعالج أشد النواقص الخطيرة فى كيوتو وأهمها غياب أهداف طويلة المدى وغياب مشاركة الولايات المتحدة والدول النامية، ونقص الحافز للدول على التمسك بالتزاماتها وعلى الرغم من أن هناك أفكار كثيرة لتتبع كيوتو فإن كل الاقترحات الراهنة مبنية فى الواقع إما على العلم (مثلا وضع سقف للتكيزات العالمية عند 450 جزاء فى المليون ) ، أو على الاقتصاديات ( الموازنة بين التكاليف الاقتصادية للخفض الشديد للإنبعاثات على المدى القصير مقابل الفوائد البيئية على المدى الطويل ). هذة المقترحات لتخفيض الانبعاثات أكثر عملية لأنها تتوقف جزئيا على السياسة بالإضافة إلى العلم والاقتصاديات.
مع استضافة مصر لمؤتمر المناخ العالمي (COP27) الذي تظهر أهميته الشديدة نظرا لضرورة الوول لاتفاق الزامي أكثر حدة للحد من الآثار المترتبة على التغير المناخي، يجب التأكيد هنا على أن أي اتفاق مستقبلى للمناخ لابد أن يتوافق مع ستة معوقات سياسية مهمة.
أولا.. الولايات المتحدة سوف لا تلتزم بأى أهداف كمية إذأ لم نلتزم بأى أهداف كمية إذا لم تلتزم الصين والدول النامية الكبرى بأهداف كية فى الوقت نفسة ، للمخاوف من التنافس الاقتصادى وتسرب الكربون .
ثانيا.. الصين والدول النامية الأخرى سوف لا تقوم بتضحيات مختلفة فى طبيعتها عن تلك التى قامت بها الدول الغنية.
ثالثا.. على المدى الطويل لا يمكن مكافأة أى دولة لصعودها بانبعاثاتها عاليا فوق مستويات 1990 .
رابعا.. سوف لا توافق أى دولة على المشاركة فى أى سنة إذا زادت قيمة الخصم الحالية لتكاليفها المستقبلية عن 1% من الناتج المحلى الإجمالى.
خامسا.. لاتوجد دولة سوف تلتزم بأهداف تكلفها أكثرمن 5% من الناتج المحلى الإجمالى فى أى سنة.
سادسا إذا تراجعت دولة عظمى، فإن الدول الأخرى سوف تثبط هممها وقد يتفكك النظام .

أسقف الانبعاثات في المستقبل ينبغى تحديدها بواسطة معادلة تتضمن ثلاثة عوامل:
العامل الأول.. عامل التقدم يتطلب من الدول الغنية القيام باستقطاعات أكثر شدة مقارنة بانبعاثاتها فى العمل كالمعتاد.
العامل الثاني.. عامل المجئ المتأخر للحاق يتطلب من الدول التى لم توافق على الأهداف الملزمة فى بروتوكول كيتو القيام باستقطاعات متدرجة لإنبعاثاتها لتقدم بيانا عن الانبعاثات الإضافية منذ 1990 هذا العامل يمنع مكافأة المتأخرين بأهداف أعلى أو منحهم حوافز للصعود بانبعاثتهم قبل التوقيع على الاتفاقية.
العامل الثالث.. عامل المساواة التدريجى يعالج حقيقة أن الدول الغنية مسؤولة عن معظم ثانى أكسيد الكربون الموجود حاليا فى الغلاف الجوى خلال كل عقد من النصف الثانى من القرن ، هذا العامل يحرك الانبعاثات للفرد فى كل دولة خطوة صغيرة فى اتجاه متوسط عالمى للانبعاثات للفرد.
بشكل عام، تعول دول العالم على مؤتمر المناخ العالمي القادم في نوفمبر بشرم الشيخ للخروج بنتائج مؤثرة واتفاقيات جديدة تحد من الآثار السلبية لتغير المناخ وتحافظ على مستقبل أكثر استدامة.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.