محمد فؤاد البري يكتب | بكالوريا الزمن الجديد (2-1)

0

وقد يكون خان التوفيق السيد محمد عبداللطيف وخبراءه في توزيع بعض المواد وعلى رأسه التربية الدينية.
جعل الدين مادة تضاف للمجموع بمائة درجة، خطأ كارثي، فالدين لا يحفظ بقدر ما يمارس في الحياة اليومية كسلوك، فكل معلم يجب أن يضيف توجهات أخلاقية، فوظيفة المعلم وظيفة أخلاقية وتربوية قبل أن تكون تعليمية، كما أن التبرير القائم على إضافة الدين للمجموع، بأنه سيرتقي بأخلاق الطلاب غير حقيقي، وكان من الأفضل دمجه مع اللغة العربية، لكن أن نضع منهجين للدين في بلد واحد خطأ قد يهدد الأمن المصري في الصميم، ويظهر الاختلافات بين العقائد ومشاحنات بين الطلاب لا نهاية لها، والتي قد تصل لحد التصادم بين تربية مسيحية وتربية إسلامية، كما أن لدينا في مصر ثلاث طوائف مسيحية: أرثوذكس وكاثوليك وإنجيليين، وهناك اتفاق “جنتل مان”، أن يؤلف مادتها خبير أرثوذكسي، ولكن بدون تناول مسائل الاختلافات الاعتقادية الشائكة، فهل سيستمر الحال كذلك بعد جعلها بمائة درجة كاللغة العربية؟
الحقيقة أن مستوى الطالب في حفظ النصوص الدينية، ليس مقياسا جيدا لمعرفة قدراته العلمية، ونسبة ذكائه، وأتذكر مقولة سعد زغلول عند افتتاح الجامعة المصرية سنة 1908، قائلا: “لا دين للجامعة سوى العلم”، فالاختلافات بين النصوص الدينية ليس وقتها إطلاقا، وتعود بنا للخلف، فليس معنى أننا عدنا للماضي، لنستخدم مصطلحا عزيزا منه “البكالوريا”، أن نتجاهل المستقبل!
وقد تتعاون وزارة التعليم مع شيوخ الأوقاف، لتثقيف طلاب المدارس دينيا في دروس أسبوعية في مساجد الأوقاف، ولا سيما مع عودة الدولة للاهتمام بالكتاتيب، حفاظا على اللغة العربية، آملين في عودة أمجادها. والحقيقة، أن الأزهر، لن يقصر في هذا الشأن إذا طلبنا منه ذلك، خاصة أن في مصر 150 ألف مسجد.
لماذا مادة مركزة على كل الشعب في النظام الجديد، فالتاريخ المصري، لا يمكن عزله عن تاريخ العالم، وإلا سنخلق عقلية منغلقة في مادة التاريخ، كما لا يمكن فهم مادة التاريخ بعيدا عن فهم الجغرافيا، لأن مسرح الأحداث التاريخية، هو الأرض، ودراسة التاريخ المصري فقط، ستجعل الطالب مغيبا عن التاريخ الإنساني، فكل تاريخ وطني ينحاز لبلده، وبالتالي تتحول مادة التاريخ من علم إلى مجرد “تربية وطنية”، وقد نقترح علي السيد الوزير، إضافة مادة تسمي العلوم الاجتماعية على غرار العلوم المتكاملة، وتشمل دروسا من الاجتماع والتاريخ والجغرافيا والاقتصاد، بدلا من دراسة التاريخ الوطني فقط.
بينما دراسة اللغة الفرنسية، إن لم تدرس خلال ثلاثة أعوام بشكل مكثف، فليست لها أي قيمة، فدراسة اللغة في عام واحد فقط غير كافية لمعرفة أساسياتها، وبالتالي تفقد قيمتها في نظام البكالوريا الجديد.
كما أن هناك إضافة رائعة لمسار الأعمال والتجارة، تدخل من ضمن مسارات البكالوريا الأربعة، ولكن يجعلنا نتساءل أي فائدة وأي منطق في الاستمرار لوجود ما يسمي “المدارس الثانوية الفنية التجارية؟”، بعد إضافة هذه الدراسة كشعبة في نظام البكالوريا!
ونقترح أن نضمها مع المدارس الثانوية العامة، ونحل أزمة كثافة الطلاب بإضافة فصول جديدة، ونحول طلاب الدبلوم التجاري لنوعية أخري من التعليم المهني، نظرا لضعف تحصيلهم الدراسي في الغالب، والذي لا يتناسب مع طبيعة دراستهم لمواد كالمحاسبة والاقتصاد وعلوم الحاسب وإدارة الأعمال، أضف إلى أن أكثر من 70% منهم، يعانون من صعوبات تعلم، والحضور غير موجود إلا في أيام معدودة طوال العام الدراسي، فلماذا نتجاهل الأزمات في التعليم الفني، مركزين كل التركيز علي الثانوي العام فقط، رغم أنه مسئول عن 55% من طلاب المرحلة الثانوية. إن كان تغيير الثانوية لبكالوريا، يرجع في الأساس لتخفيف الضغط النفسي على الطلاب من رهبة تأثير كلمة ثانوية عامة، فإننا بحاجة إلى تغيير النظرة الطبقية لكلمة دبلوم، ولتكن شهادة البكالوريا التقنية أو الفنية، بدلا من لفظ “دبلوم”.
في النهاية فلسفة النظام المقترح جيدة، ولكن هيكلة النظام في حاجة إلى تعديلات، خاصة توزيع بعض المواد مع علامات استفهام من اختفاء مواد اللغة العربية والإنجليزية من الصف الثالث الثانوي!.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.