محمد ماجد يكتب | مخاطر التعامل بالعملات الافتراضية
دفعت العديد من الأزمات التي حلت على كوكب الأرض خلال الفترة الماضية مثل جائحة كوفيد-19 وتعثر سلاسل الإمداد، إلى اتجاه البعض إلى استثمار أموالهم حفاظًا على ثرواتهم، وكنوع من التحوط أثناء الأزمات حتى العبور منها بسلام، فقد اتجه البعض في الاستثمار في العملات الافتراضية (البيتكوين، الإيثريوم، إلخ)، مما عزّز القيمة السوقية لتلك العملات، وبلغت أسهمها ارتفاعات غير مسبوقة قبل تلك الفترة، حتى وصلت إلى ما يقرب من 60 ألف دولار للعملة الواحدة، وذلك وفقًا لبيانات عديد من منصات سوق العملات الافتراضية العالمية، ولكن سرعان ما شهدت أسواق العملات الافتراضية انخفاضًا ملحوظًا لقيمتها السوقية خلال الآونة الأخيرة، وصلت لنسبة 50% خلال النصف الأول من العام الجاري، وذلك في ظل موجة تضخمية عنيفة لازال المجتمع الدولي يواجه تداعياتها بسبب الحرب الأوكرانية – الروسية والأزمة الاقتصادية العالمية، وخاصًة بعد إعلان البنك الفيدرالي الأمريكي عدة مرات ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع البعض من المتعاملون بها عن شرائها، لاسيما السياسات التشددية للبنوك المركزية لدول العالم والحرب التي تشنها على الأصول المشفرة لمجابهة استخدامها في عمليات غسيل الأموال، التي جعلت تلك الأصول تفقد جاذبيتها وتظهر مخاطرها، واتجاه البعض إلى الملاذات الآمنة للاستثمار خوفًا من انهيار أصولهم النقدية، وبطبيعة الحال تمددت آثار انهيارات العملات الافتراضية إلى سوق الأسهم والبورصات العالمية وشركات تداول العملات الافتراضية ذاتها.
فقد أوضح العديد من الخبراء الاقتصاديون سبب لجوء الناس إلى التعامل في العملات الافتراضية رغبًة منهم في تحقيق مكاسب مالية عالية في مدة زمنية قصيرة، ولكن ذلك قد يؤثر بشكل أو بآخر على الاقتصاد الوطني للدول، لأن الاستثمار فيها محفوفًا بمخاطر استنزاف ثروات الدول القومية وتراجع معدلات الادخار القومي وانخفاض الاستثمارات المباشرة في مختلف القطاعات، فضلًا عن كونها منصة سهلة لعمليات غير مشروعة كالاتجار بالبشر وتجارة السلاح وتمويل الإرهاب وغسيل الأموال وتجارة المخدرات، وهذا ما يكون له تهديدات مباشرة على الأمن القومي للدول خاصًة الدول التي تعاني من مخاطر تلك التهديدات.
ولقد أظهرت بعض إحصاءات منصات تداول العملات الافتراضية العالمية (Triple-A – LocalBitcoins) أن هناك ما يقرب من 300 مليون مستخدم للعملات الافتراضية حول العالم، تتصدرهم قارة آسيا بنحو 160 مليون مستخدم، ثم قارة أوروبا بـ 38 مليون مستخدم، وقارة إفريقيا بـ 32 مليون مستخدم، وتتزعم دولة الهند قائمة الدول المتعامل مواطنيها بالعملات الافتراضية، يليها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وقد جاءت مصر في المركز 24 عالميًا والرابع إفريقيًا والأول عربيًا في أعداد المتعاملين بالعملات الافتراضية، وطبقًا لتلك الإحصاءات التي ليست ببعيدة عن المجتمع المصري، أفرزت تداعيات التعامل بالعملات الافتراضية عودة انتشار ظاهرة المستريح من جديد، ولكن بشكل توظيف الأموال في التجارة الإلكترونية والعملات الافتراضية، واستغلال عدم وعي المواطنين بسوق تلك العملات ومخاطرها، وتحقيق آمالهم في الثراء السريع وإيهامهم بجني أرباح كبرى جراء الاستثمار فيها.
والسؤال الآن، ما مستقبل العملات الافتراضية؟ وهل تنهار مستقبلًا وتختفي؟ وحال ذلك الوضع أين تذهب تلك الملايين من الدولارات التي يتم استثمارها في تلك العملات؟