محمد ماجد يكتب | قناة السويس الجديدة .. أزمات وانجازات

0

تصدر هاشتاج “مصر بتفرح منذ 7 سنوات” كل مواقع التواصل الاجتماعي، والذي تم اطلاقة احتفالًا بافتتاح قناة السويس الجديدة، وهي الشريان الجديد للتنمية في الجمهورية الجديدة، والتي تهدف إلى تنمية محور قناة السويس بالكامل، والحد من مشكلات القناة القديمة في عبور القوافل من الشمال إلى الجنوب والعكس، وبما يسمح لاستيعابها للسفن العملاقة ذات الغواطس العميقة، لزيادة القدرة الاستيعابية للقناة من أجل التمكن من استيعاب النمو المستقبلي المتوقع للتجارة العالمية، وذلك كونها أهم الممرات الملاحية في العالم، وتعتمد عليه حركة التجارة العالمية، حيث تمر من قناة السويس حوالي 12% من إجمالي حركة التجارة العالمية في السلع والخدمات، و حوالي 10% من إجمالي انتاج النفط في العالم.
أثبتت قناة السويس أنها قادرة على مواجهه أصعب التحديات، كتداعيات جائحة كوفيد-19 وما نتج عنها من بطيء حركة التجارة العالمية، ثم أزمة جنوح السفينة البنمية ايفر جيفن التي أربكت أسواق النفط العالمية وارتفاع تكاليف النقل البحري، مرورًا بالأزمة الأوكرانية – الروسية وتداعيتها على سلاسل الإمداد ونقل الطاقة.
نجحت هيئة قناة السويس في إدارة أزمة جائحة كوفيد-19 وما تبعها من آثار اقتصادية في المقام الأول على المجتمع الدولي، وأنه خلال الانتكاسة الاقتصادية للجائحة، قامت الهيئة بفتح خطوط اتصال وتسويق مباشر مع كل الخطوط والتوكيلات العالمية، وإطلاق حملة التسويق الأخضر لقناة السويس باعتبارها أقصر المسارات الملاحية الواصلة بين الشرق والغرب بما يسهم في تقليل استهلاك وقود السفن والحد من الانبعاثات الكربونية الضارة، كما تبنت سياسة تسويقية مرنة وأعلنت عن حزم تخفيضات وحوافز تسعيرية لمختلف أنواع السفن، وأخيرًا استهداف أسواق جديدة وبعيدة جغرافيًا عن قناة السويس لاجتذاب أعداد من السفن كانت لا تعبر القناة، وهذا ما أشارت إليه غالبية التقارير الوطنية والدولية.
كعادة المصريين في إبهار العالم، نجحوا في إدارة أزمة جنوح السفينة في قناة السويس وتعويمها خلال ستة أيام فقط، بعد أن حبس العالم أجمع أنفاسه خوفًا من تداعيات تعطل الملاحة البحرية بالقناة من ارتفاع تكلفة الخسائر الناجمة من التعطل، وإعلان شركات التأمين البحري رفع أسعارها لمواجهة مخاطر أزمة السفينة الجانحة بالقناة، وتفكير بعض الشركات والدول الكبرى في مجال النقل البحري في البحث عن بديل الأزمة وتوقعاتهم بعدم نجاح خبراء الهيئة في إنهائها قبل شهرين على الأقل، فضلًا عن ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية، ويشاء الله أن تأتي النتائج على خلاف التوقعات، فقد أثبت الممر الملاحي العالمي الذي يربط البحرين الأبيض والأحمر أنه لا بديل له في استمرار حركة التجارة العالمية وضروري وحيوي بكافة المعايير والمقاييس البحرية العالمية، رغم الأحاديث التي أوردها البعض في وسائل الإعلام الإقليمية والعالمية عن إمكانية وجود بديل للقناة المصرية، وهو ما ردت عليه صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في تقرير رئيسي وموسع لها أثناء الأزمة، مؤكدة أن لا بديل عن القناة المصرية، لأن كافة البدائل الأخرى للملاحة البحرية مكلفة ومرعبة من حيث الوقت والتكلفة.
لا صوت يعلو الآن فوق صوت الأزمة الأوكرانية – الروسية، التي بطبيعة الحال ألقت بظلالها على العالم أجمع، ونتج عنها تداعيات تأثرت بها شتى مجالات الحياة عامة، وحركة التجارة العالمية والملاحة البحرية خاصة، وقناة السويس ليست بمنأى عن تلك التداعيات، ورغم ذلك تسير قناة السويس بخطى ثابتة، ومستعدة بآلياتها لمواجهة آثار الأزمة مثلما فعلت في مواجهة جائحة كوفيد-19.
6 أغسطس 2015 يوم لا يُنسى من الذاكرة، لحظة مرور أول سفينة في مجرى القناة الجديدة، وبعد 7 سنوات لم تعد مجرد مياه تتدفق بين بحرين فحسب، بل أرقامًا ترد بحسم على من شككوا في حلم قومي للمصريين، وإجهاض أية محاولات لمشروعات تهدم فكرة قناة السويس، وتأكيدًا على رؤية القيادة السياسية الثاقبة والتخطيط والانجاز للعبور للجمهورية الجديدة، ولا يزال التحدي مستمرًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.