تلعب المشاركة النيابية للشباب دورًا محوريًا في تعزيز العملية الديمقراطية، وضخ دماء جديدة في الحياة السياسية، حيث يمثل الشباب، النسبة الأكبر من المجتمع المصري، ما يجعل إشراكهم في المجالس النيابية ضرورة وطنية، لضمان تمثيل عادل لمختلف الفئات. ومع تزايد الوعي بأهمية تمكين الشباب سياسيًا، ظهرت تجارب مختلفة لدعم مشاركتهم، سواء من خلال الكيانات الحزبية أو المبادرات المستقلة، وكان من أبرز هذه التجارب، تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، التي باتت نموذجًا يُحتذى في توفير مساحة جادة للحوار والتأهيل السياسي.
إن تعزيز التمثيل النيابي للشباب، لا يعد فقط استجابة لمطالب هذه الفئة، بل هو استثمار طويل الأمد في مستقبل الدولة، فوجودهم في المجالس التشريعية، يضمن التعبير عن قضاياهم بشكل مباشر، ويتيح فرصة، لبلورة سياسات تستجيب لمتغيرات العصر. ورغم أن تجارب مشاركة الشباب في البرلمان، لم تكن دائمًا على المستوى المأمول، فإن السنوات الأخيرة، شهدت تحولًا ملحوظًا، حيث أصبح للشباب حضور أكثر تأثيرًا في صياغة القوانين والرقابة على أداء السلطة التنفيذية، خاصة بعد أن تم توفير قنوات لدعم وصولهم إلى المجالس النيابية.
وتأتي تجربة تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين في القلب من هذا التحول، حيث قدمت نموذجًا غير تقليدي للتكامل بين التيارات السياسية المختلفة تحت مظلة وطنية واحدة، بعيدًا عن الاستقطاب الحزبي. فمن خلال هذه التجربة، نجح عدد من الشباب في دخول البرلمان، وتولي أدوار قيادية، سواء في اللجان النوعية أو في طرح المبادرات التشريعية، التي تعكس احتياجات الجيل الجديد. ورغم أن التجربة لا تزال في مراحلها الأولى، فإنها أثبتت أن الشباب قادرون على تقديم رؤى جادة، ومقاربات حديثة للقضايا الوطنية، وهو ما يعزز الحاجة إلى استمرار دعمهم وإتاحة مزيد من الفرص لهم.
لكن تعزيز الحضور النيابي للشباب لا يقتصر فقط على توفير المساحات السياسية، بل يتطلب تغييرًا في الثقافة المجتمعية، التي لا تزال في بعض الأحيان، تنظر إلى العمل السياسي باعتباره حكرًا على ذوي الخبرات الطويلة. وهنا يأتي دور الأحزاب السياسية والمؤسسات الإعلامية في تسليط الضوء على أهمية ضخ طاقات شابة في العمل التشريعي، ليس فقط لتمثيل الشباب، بل للمساهمة في تطوير الأداء البرلماني برؤية أكثر حداثة. كما أن دعم الدولة لمشاركة الشباب، لا بد أن يمتد ليشمل تهيئة البيئة التشريعية المناسبة، من خلال مراجعة القوانين المنظمة للانتخابات، وتعزيز فرص التنافس العادل، بما يضمن عدم اقتصار التمثيل النيابي للشباب على مبادرات محدودة، بل يصبح جزءًا راسخًا في بنية النظام السياسي.
ورغم أن هناك تقدمًا في هذا الملف، فإن التحديات لا تزال قائمة، وأبرزها القدرة على إقناع القواعد الشعبية بأن الشباب لديهم من الكفاءة والقدرة ما يؤهلهم لتمثيلهم في البرلمان، وهو ما يتطلب استمرار الاستثمار في بناء كوادر شابة قادرة على خوض الانتخابات ببرامج واضحة ورؤى تستجيب لمطالب المواطنين. فنجاح أي تجربة سياسية، لا يعتمد فقط على توفير الفرص، بل على قدرة أصحابها على استغلالها بالشكل الأمثل، وهو ما يتطلب من الشباب أنفسهم إدراك حجم المسئولية الملقاة على عاتقهم، والاستعداد لها عبر تطوير مهاراتهم، وتوسيع دوائر تواصلهم مع المجتمع.
إن دعم التمثيل النيابي للشباب ليس رفاهية سياسية، بل هو ضرورة ملحة لمواكبة تطورات العصر، وضمان استمرارية العمل الديمقراطي بروح متجددة. وبينما تشكل تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين تجربة رائدة في هذا المجال، فإن الطريق لا يزال مفتوحًا أمام مزيد من التطوير، بحيث يصبح الشباب عنصرًا فاعلًا في العملية السياسية، ليس فقط من خلال المبادرات المؤقتة، بل كجزء أساسي من المشهد البرلماني المصري.