إن مفهوم الأمن القومي هو قدرة الدولة على تحقيق التنمية الشاملة بالتعاون بين كل مؤسساتها وهو لا يقتصر على حدودها الداخلية فقط بل كل ما يؤثر على مقدراتها و شؤونها خارج حدودها هو التعريف الذي يعتبر الأكثر توافقا بين تعريفات الأمن القومي المختلفة وهو أيضا الذى يوضح جيدا أن الأمن القومي ليس شأنا أمنيا فقط و لكنه شأن يشمل كل مفاهيم القدرة و الشمولية و العمل المؤسسي الذي يحقق التنمية والاستقرار
هنا يظهر لنا تساؤل ما الفرق بين التنمية الشاملة والتنمية المستدامة ماذا كانت ستفعل مصر لو لم تطلق الأمم المتحدة عام ٢٠١٥ استراتيجية التنمية المستدامة ٢٠٣٠
ولكي نجيب على هذه التساؤلات يجب ان نوضح ان مفهوم التنمية الشاملة أي التي تشمل جميع الاحتياجات و الركائز الأساسية للمجتمع على التوالي و على التوازي فلكي نطور التعليم نعلم جيدا أن الأمر يحتاج سنوات لكي نبدأ بطفل يبدأ مرحلة البراعم بتعليم حديث متطور الى أن يلتحق بسوق العمل فهذه الرحلة تحتاج ما لا يقل عن خمسة عشر عاما إذا يجب علينا بالتوازي أن نحاول إصلاح المراحل التعليمية المختلفة ويجب أيضا أن نهتم بالبنية التحتية وشبكة الطرق و الكباري وأن يكون لدينا استراتيجية واضحة للانتشار العمراني بعيدا عن التمحور حول الدلتا و نهر النيل فالطفل الذى نسعى ان نجده بعد خمسة عشر عاما قادر على مواكبة التطور والتكنولوجيا يجب أن يجد بيئة تتواكب مع ما تلقاه من علم وينميها ويطورها وهذا النموذج البسيط هو ما يسمى التنمية الشاملة التي تشمل كل المجالات و تشمل أيضا الرؤية الشاملة لمساحة المليون كيلومتر مربع وما بها من ثروات لنجد أنفسنا نحقق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر التى على رأسها بناء الإنسان بكافة الأشكال من صحة وتعليم ومساواة بين الجنسين وغيرها من الأهداف التى تتميز بأن هذا البناء يضمن الاستفادة من الموارد الطبيعية مع ضمان أحقية الأجيال القادمة من الاستفادة منها أيضا و هذا هو أحد مفاهيم العدالة الاجتماعية و إذا نظرنا الى الحالة المصرية نجد ان استراتيجيتها قائمة على هذه الأهداف بالفعل لذلك نجدها أول دولة تقوم بإعداد تقرير التنمية البشرية لأنها لديها إرادة حقيقية وطنية قبل ان تكون أممية لتحقيق التنمية الشاملة المحلية او المستدامة الأممية و هنا نصل للنتيجة ان الأمم المتحدة حينما أطلقت استراتيجية التنمية المستدامة ٢٠٣٠ بعد أن كانت اسمها الاستراتيجية الألفية من قبل كانت بدأ بالفعل بتحقيق التنمية الشاملة التى تعلم جيدأ انها الركيزة الأساسية للأمن القومي والسلام الاجتماعي والتى توافقت في مبادئها مع مفاهيم التنمية المستدامة وهنا نستخلص أن الدول التى تسعى لاستثمار مواردها و الاستفادة منها و الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة لم تكن تحتاج الى استراتيجية التنمية المستدامة لتقوم بذلك إنما استراتيجية التنمية المستدامة هى مواكبة لتوجه دولي توافق مع طموح جمهورية مصر العربية المحلي و من هنا يكون بيت القصيد أن ليس كل توجه عالمي يجب أن يتواكب مع ما نراه في صالح بناء مجتمعنا فنحن أمة لها أصولها و حضارتها و قيمها و ذلك لا يتعارض أبدا أن نستفيد بما يت اكب مع قيمنا من تقدم في العالم لنواكب التطور الحديث ونجمع بين العراقة والأصالة والحداثة والتقدم.
*محمود القط، عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين