محمود القط يكتب | لماذا أفريقيا؟
إن اهتمام العالم بالقارة الإفريقية ليس بجديد فمنذ تحرر الدول الإفريقية من الاستعمار وتسعى الدول الكبرى الى النفوذ والسيطرة على إفريقيا، فهي قارة غنية بالثروات مازالت بلغة السياسية (بكرا) لم يتم بها ما يستحقه أهلها من تنمية حقيقية وبنية تحتية تقودها للتقدم والازدهار بل والأكثر من ذلك هو حرص القوى الكبرى الفترة الماضية أن يقتصر نشاطها في إفريقيا على ما يحقق لها الاستفادة السريعة غير مكترثة باحتياجات المواطن الافريقي وأولها بناء الإنسان.
كان للابتعاد السياسي لمصر في فترة زمنية معينة أثرا بالغًا في حالة الفتور بين مصر و الدول الافريقية مما أدى لتوغل بعض دول الشرق الأوسط في أفريقيا ولكن عندما قررت مصر العودة لأفريقيا وربط المصالح المشتركة للقارة وبدأت في دعم الدول الافريقية في أهم ثلاثة محاور تأثيرهم مباشر على المواطن الأفريقي: وهم البنية التحتية و بناء الإنسان الأفريقي والعمل على أن تتحدث أفريقيا بلسان واحد ككتلة واحدة مما جعل عودة جسور الثقة أسرع من كل التوقعات بل و بدأ الزعماء القارة يحرصون على زيارة مصر بعد قطيعة غير مُعلنة لسنوات طويلة و هنا بدأ العالم أيضًا يتعامل مع افريقيا باستراتيجية مختلفة فبدأ العالم يتحدث عن الشراكة الأفريقية مجتمعة مع الدول العظمى مثل أمريكا، الصين، اليابان، روسيا، وتُقيم هذه الدول اللقاءات و المؤتمرات للقاء رئيس الاتحاد الأفريقي لبحث أطر التعاون و زيادة الاستثمارات في أفريقيا.
إن العالم يحترم التكتلات الكبرى القوية، ولا يهتم بالجزر المنعزل، لذلك عندما سعت مصر للم الشمل الافريقي والتحدث ككتلة واحدة وعملت على إذابة الخلافات بين المؤسسات المختلفة مثل الكوميسا والساداك، والإعلان عن ربط شمال وجنوب أفريقيا أصبح العالم يتعامل مع القارة كقوة موجودة ومؤثره خصوصًا أنها أعلنت أنها ستواجه التحديات التي تعوق تنميتها، فبدأ العالم يُغير نظرته من التجارة السريعة التي تقوم على الابتعاد عن المخاطر إلى المشروعات الاستثمارية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعود بالنفع المباشر على المواطن الأفريقي.
هنا أنا، كمواطن مصري، يجب أن أكون مدركًا أن ارتباطي بأفريقيا ليس لأن منبع نهر النيل في جنوبها فقط، إن ارتباطي بأفريقيا هو ارتباط جغرافي؛ فتجمعنا بالدول الأفريقية أرض واحدة دون فاصل وتنمية أفريقيا وبناء الإنسان الأفريقي تأثيره مباشر على الأمن القومي المصري، فالهجرة غير الشرعية من الجنوب للشمال وانتشار الارهاب والجريمة العابرة للحدود، مخاطر ترتقي لدرجة التحديات يجب أن نبذل كل الجهد حتى لا تصل إلينا، فأمن واستقرار أفريقيا هو أمن واستقرار لمصر و تقدم وازدهار أفريقيا هو تقدم وازدهار لمصر وأخيرًا للعالم.
يُنظر لمصر الآن كونها صمام الأمان الأفريقي، وهذا لم يكن ليتحقق إلا بعد أن ترى أفريقيا نفسها إن مصر تعمل لمصالح شعوب القارة الأفريقية جميعها.