محمود القط يكتب | لن يبقى الحال على ما هو عليه

0

إن العالم يعيش حالة من الحراك المعلن  والحراك الغير معلن و كلاهما لا يبشران بهدوء قريب و لا بوادر استقرار، فالحراك المعلن هو ما نشهده يوميا من زيادة وتيرة الصراعات ومحاولات فرض الامر الواقع بل و الأكثر من ذلك اصبح ظاهرا وواضحا ازدواج المعايير و فرض سياسة بسط النفوذ و الضرب بعرض الحائط كل المعاهدات و المواثيق مادامت تتعارض مع المصالح و المخططات.

إن كل ما تم تصديره من افكار عبر سنوات من حكومات تدعي الديموقراطية و حقوق الانسان و أنها تسعى لأن نعيش في  عالم مثالي و ديموقراطي نجد منها تجاهل الديموقراطية وحقوق الإنسان ليس لشيء إللا لأنها تتعارض مع مصالحها فحينما خرجت الشعوب لتعبر عن اعتراضها لما يحدث من إبادة جماعية في غزة لم نجد استجابة لمطالب تلك الشعوب أما عندما تم اطلاق صاروخ و قتل مدنيين في اسرائيل وجدنا العالم الذى يدعي انه متقدم ينتفض و يشجب و يؤكد على حق الدفاع عن النفس  في مشهد هو دليل واضح  للتعبير  عن ازدواجية المعايير

إن هذا المثال هو مثال بسيط من مئات المواقف التى تحدث لتجعلنا نزداد يقينا يوما بعد يوم أن القوي يتم التعامل معه بمعايير القوة أما الضعيف فهو بلا حقوق سوى التعاطف الذى غالبًا ما يكون على استحياء. أما الحراك الغير معلن فهو أصبح ما يعد الأكثر خطورة لأنه حراك ينبئ بأن القادم لن يميل الى الاستقرار على الإطلاق فاصبحنا نجد دول كبرى من حيث المساحة و السكان تسعى لمضاعفة احتياطاتها الاستراتيجية من المواد الغذائية الأساسية و كأنها تستعد لحدث جلل  ليأتي ذلك بعد شهور من التنافس الشرس للحصول على خام الذهب سواء بالطرق الشرعية أو غير الشرعية.

أما بالنسبة لسباق التسليح فقد اصبح المعلن منه يمثل جزء من الغير معلن فالمعلن على استحياء هو تسليح الجيوش النظامية أما الغير معلن بالمرة هو تسليح المليشيات الغير نظامية. لقد أصبح تطويق البقاع الاستراتيجية في الكرة الأرضية بالمليشيات و التمركزات المسلحة أمر يحتاج أن ننظر إليه بنظرة مختلفة فعلى سبيل المثال نجد قارة إفريقيا يتم تطويق حدود دولها الشمالية بفلول داعش لتنصهر داخل التنظيمات الارهابية مثل بوكوحرام و حركة الشباب و غيرها من المنظمات الارهابية. ثم نجد على سبيل التطويق الدولي تحالف أوكس و تحويل استراليا الى دولة نووية، ليقابله تحرك شرق آسيوي عن طريق جزيرة سليمان وغيرها.

إن ما نشهده من حروب وصراعات معلنة هى وقود ظاهر لوقود أشد و أقوى غير معلن و كأن العالم يتأهب لحالة جديدة ستكون سببا في تغيير قواعد رقعة الشطرنج الحالية

لذلك لن يكون هناك ملاذ لمن يسعى بالنجاة من هذا الصراع إلا السعي لتوفير أقصى درجات الحماية و الاكتفاء الذاتي لأن اليوم الصعب سيكون فيه العالم أناني لا ينظر في أحد إللا لنفسه ففي تلك اللحظة لن ينفع  إللا ما قامت  به كل دولة من بناء لقدراتها  و توفير احتياطيات استراتيجية تجعلها تستطيع ان تقاوم الضرر لتنجو بشعبها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.