محمود القط يكتب | ١٤ سببًا من المحفوظ العجب إلى العماد المريب

0

ربما من يقرأ العنوان يتوقع أني سأنتقد شخصًا أثار جدلا في الأيام الأخيرة
أو أني سأتناول سيرة ذاتية وما بها من تلون و قدرة على الانتقال بين الموائد لتحقق هدفها الوحيد و هو تواجدها و تحقيق مصالحها
و مع أن الانتقاد و التناول حقي الدستوري في إطار حرية الرأي والتعبير إلا أني في حقيقة الأمر سأنتقد ظاهرة و ليس فكرة أو شخص فأنا أؤمن أن الفكر لا يواجه إلا بالفكر ولكن الواقع الذى نعيش فيه يجعل بيننا في معظم الأصعدة و المجالات نماذج كلما رأيناها نتذكر كل من العجيب والمريب .
و على الرغم من أنهما يتفقان في الوصولية و التلون إلا أنهما يختلفان في بعض الأدوات للوصول لاهدافهما
لذلك سأطرح ١٤ سببًا تجعلنا نرى كل من العجيب والمريب سواء اتفقا أو اختلفا لكننا نحتاج أن نكون دائمين الانتباه لأدواتهما وأهدافهما .
السبب الأول الذي يختص به المريب عن العجيب هو المثل المصري البسيط (فيها لاخفيها)
فهو يبدأ بالتقرب و تقديم القرابين و إذا لم يحقق هدفه ينتقل الى النصيحة التى ظاهرها صدق و باطنها كذب و لا مانع أن ينتهى الأمر ببعض السهام السامة التى يغلفها الكلام المعسول بشرط أن يفعل ذلك بعد تأمين جانبه تماما من اي ردود أفعال تكشف أغراضه المسمومة، فهدم المعبد أحد الحلول الواردة في أجندته و إن كان غير مساهم في هدمه يكون مؤيدا بأطروحاته
أما السبب الثاني هو القدرة على اللعب بالكلمات لتحمل العديد من المعاني فإن أراد توظيفها دعما فعل ذلك و إن أراد توظيفها هجوما كانت كذلك و تلك المهارة يتم توظيفها للوقت المناسب فطالما الأمور مستقرة ظهر بمظهر الداعم و الناصح الأمين و اذا انقلبت أعلن أنه كان المعارض في ذروة الاستقرار
ينفرد المريب في السبب الثالث بأنه بعد تأمين نفسه و تواجده بعيدا تماما لا مانع أبدا من التودد لأي خصم أو عدو بل و الأكثر من ذلك لا مانع من تقديم قرايبن لذلك تكون بأيضا بما يجيده من استخدام كلمات يبثها مغلفة برسائل ناصحة و مسمومة بسم التشكيك و خلخلة كل ما هو صلب متماسك
استحدث المريب في السبب الرابع ما هو جديد و كأنه يواكب متطلبات العصر فهو لا يقوم بكلماته المعسولة بالتشكيك و الانتقاد فقط بل وصل لمرحلة أكبر و هو محاولة الوقيعة بين مؤسسات الدولة و هنا يجب أن نسلط الضوء و نرفع الراية الحمراء لينتبه الجميع أن الأمر لم يعد طرحا أو رؤية بل إنها خطوة جديدة و مستحدثة لضرب ما يتم ترسيخه و بناؤه على مدار سنوات و لنسأل أنفسنا سؤال كم مقال قرأناه بلغات مختلفة من مواقع و دول مختلفة يهاجم به أصحاب الرأي طبيعة العلاقة بين الرئاسة و بين المؤسسات المعلوماتية
أو المؤسسة القضائية ؟ لا نجد ذلك أبدا إللا فيما استحدثه المريب مؤخرا أليس ذلك بداعي أن نقف و نتمعن فيما بين سطوره و كلماته من أهداف و أغراض؟
السبب الخامس و هو آخر ما سأكتب اليوم و سأترك باقي الأسباب لمقال لاحق هو سبب يتميز به المريب عن العجب و يجيد استخدامه و ربما سيتعجب من يقرأ هذه الكلمات أنه يستخدمه و هو أنه لديه من الأدوات و الامكانيات أن يصطنع معارضة مقنعة لنفسه تقوم بمهاجمة طرحه و رؤيته بدون عمق و بأسباب واهية تعزز من قوة طرحه و تجعله يظهر بمظهر المنطقي الواقعي الذى لم يستطع أحد هزيمته و هنا تصل رؤيته و يقوم بالتسويق السلبي لها فتنتشر أكثر و تحقق أهدافها أكثر ظنا منه أنه الأذكى و أنه لن يتم كشف أهدافه
إن المريب و العجب كلاهما لديهما القدرة على إثارة الجدل فالجدل هو ليقولوا نحن هنا لكن العجب حدوده معروفة و محصورة أما المريب سقف طموحاته يصل الى فيها لاخفيها
في النهاية أؤكد ما بدأت به أن المريب و العجب هما ليس فكرتين أو شخصين إنما هما ظاهرتين إحداهما قديمة تعيش بيننا من سنوات و الأخرى متطورة و متحورة و قادرة على تحديث نفسها متواكبة مع إمكانات و متطلبات العصر
مما يلزمنا بتحمل مسؤوليتنا أمام الله وأمام الوطن أن نوضح بواطن الأمور و أن نظهر للقارئ حقيقتهما فبينما هناك من يستطيع أن يضرب الثوابت و أن يستخدم كلمات ظاهرها الحكمة و باطنها التشكيك و التدليس يكون واجب علينا كشف ما يحاولون ستره خلف كلماتهم المعسولة .

محمود القط
عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.