محمود بسيونى يكتب | كوب 27.. مصر في مهمة جديدة لإنقاذ الإنسانية
فرضت قضية المناخ نفسها على العلاقات الدولية وأصبحت محط اهتمام غالبية دول العالم مع تصاعد خطر الاحتباس الحراري وأثره المباشر على حياة الإنسان على كوكب الأرض، وهي قضية تخاطب المستقبل والأجيال القادمة خاصة وأن تأثرهم بما يحدث اليوم سيكون أضعافًا مضاعفة لما نشعر به حاليًا من تغييرات تؤثر بالسلب على الصحة العامة وقدرة الإنسان على التكيف مع التغيرات المحيطة بحياته وتراجع قدرة الحكومات منفردة على مواجهة أثر تلك التغييرات القاسية خاصة الدول المهددة بالتصحر والانفجار السكاني.
بدأ الاهتمام بالقضايا بالمخاطر البيئية مع بداية الثورة الصناعية ، لكنها ظلت لسنوات بعيدة عن الاهتمام الدولي وسط التسابق بين الدول الصناعية الكبرى على الإنتاج وجنى المكاسب دونما النظر إلى تأثير ذلك التسابق على الكوكب بسبب زيادة الانبعاثات الكربونية سواء بسبب التنمية الصناعية أو استخدام المركبات و ونمط الحياة الجديد المعتمد على استخدام الثلاجات وأجهزة تبريد الهواء ذات الأثر الضار على طبقة الأوزون إضافة إلى إزالة الغابات لاستخدام أخشابها أو تعرضها للحرائق المتكررة وهو ما أوصلنا إلى نقطة الاختلال البيئي بين زيادة انبعاث ثاني أكسيد الكربون مقابل تراجع مصادر الأكسجين، ونتيجة استمرار الخلل ارتفعت درجة حرارة الأرض.
مع ارتفاع وزيادة الطلب على التنمية في ظل الانفجار السكاني خاصة في الدول النامية تزايد العبء على البيئة بشكل غير محتمل وهو ما دعا الأمم المتحدة لدعوة دول العالم الى الالتزام بالاقتصاد الأخضر والاهتمام بالاشتراطات البيئية في أنشطتها الصناعية أو ما عُرف بعد ذلك باتفاقية كيوتو الصادرة عن قمة الأرض عام 1992.
انتبه الكوكب لأزمته بعد مرور 123 عامًا على تضاعف سكانه من مليار إلى مليارين بحلول عام 1927 وأحتاج الأمر إلى خمسين عامًا فقط ليزيد عدد سكانه من أربعة مليارات إلى سبعة بحلول عام 2013. وأدى اقتران النمو السكاني السريع بالطلب على رفع مستويات المعيشية إلى زيادة مخيفة في النشاط الاقتصادي العالمي وارتفاع استهلاك الطاقة والاحتباس الحراري وتدهور التربة واستنزاف الغابات وفقدان التنوع الحيوي والضغط على موارد الماء العذب والموارد البحرية.
التدهور البيئي المروع أدى الى ظهور مصطلح الأمن الإنساني ليفرض نفسه على أولويات تحرك دول العالم في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولم يعد الاهتمام مقتصرا على جماعات الحفاظ على البيئة أو حركة حقوق الانسان بل اصبح جزء من حرك السياسة الخارجية للعديد من الدول الكبرى وبعضها متهم بتدمير البيئة خلال الثورة الصناعية وهو ما دفع الدول النامية الى مطالبتها بعلاج الأثر التخريبي الذي طال الجميع على كوكب الأرض وتحديدا الدول النامية التي يحاصرها مخاطر الزيادة السكانية والفقر وضعف التنمية ثم اضيف اليهم المخاطر البيئية.
اهتمت مصر بقضية البيئة ووضعتها ضمن أولويات دبلوماسيتها الخارجية الجديدة، في إشارة ذات دلالة على اهتمام الجمهورية الجديدة بقضايا التغير المناخي وان مواجهة “الاحتباس الحراري” أصبح ضمن عملية كبرى تتعاون فيها البشرية من أجل إنقاذ الكوكب والإنسان، ولذلك تقدمت مصر لاستضافة (COP 27) أو مؤتمر المناخ الدولي لعام 2022 بمدينة شرم الشيخ لدعم أجندة مصر الدولية للحفاظ على البيئة وتحقيق استدامة الموارد والاتجاه للاقتصاد الأخضر نيابة عن أفريقيا وتمثيلًا لها، ومع زيادة الثقة الدولية في فاعلية التوجه المصري نحو الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على ملوثات البيئة، فازت مصر بشرف الاستضافة بشرم الشيخ، مدينة السلام، لتساعد مرة أخرى في انقاذ الإنسانية بعدما نجحت في وقف خطر الإرهاب الزاحف من الشرق الى الغرب.
*محمود بسيوني، رئيس التحرير التنفيذي لموقع مبتدأ