محمود عشيش يكتب | الدولة المصرية والوحدة الوطنية

0

إن قضية الوحدة الوطنية من القضايا التي حظيت باهتمام بالغ من جانب الدولة المصرية على مر العصور، نظرا لعظيم أثرها على الأمن القومي للبلاد، وأثبت التاريخ أن الوحدة الوطنية، كانت من أهم ركائز بناء وتقدم مصر قبل وبعد الفتح الإسلامي. وقد ذكر التاريخ لنا صورا جلية وواضحة من صور التسامح والحفاظ على الوحدة الوطنية في بداية الفتح اٍلاسلامي، حين علم عمرو بن العاص، رضى الله عنه، بخروج الأسقف بنيامين هربا من عنف الرومان، وظلمهم فأرسل من ينادي عليه ويدعوه إلى المجيئ آمنا من أجل إدارة شئون أهل ملته.. فجاء وتولى أمور أخوانه وأتباعه في أمن وسلام. وكان عصر الدولة المصرية الحديثة، من أزهي عصور الوحدة الوطنية بفضل مؤسسها محمد علي باشا، الذي رأى أن مصر الحديثة، لن تنجح إلا بمسلميها ومسيحييها معا، وبالفعل استطاع كلاهما أن يقدم للوطن أفضل ما لديهما، وأدى ذلك إلى ازدهار سريع وطفرات اقتصادية وعلمية وعسكرية بالغة الأثر، وعادت مصر لمكانتها الحضارية، مثلما كانت في ماضيها وعصورها الذهبية من حيث النهضة والتقدم والرخاء الاقتصادي. وما أن جاءت ثورة 1919، حتى جسدت ملحمة وطنية جديدة من ملاحم النضال والوحدة الوطنية، كان شعارها الأساسي “عاش الهلال مع الصليب”، ثم جاءت حرب الكرامة في 6 أكتوبر 1973، ليسجل التاريخ أروع الملاحم بين المسلمين والمسحيين، سعيا لتحرير الأرض والحفاظ على العرض، فكانت وحدة سُطرت حروفها بالدماء الطاهرة، وشهداء نصرة الحق، ورد الظلم والعدوان من أجل والدفاع وتحرير أرض الوطن، وفي عهد الرئيس الأسبق مبارك، تقرر اعتبار يوم ٧ يناير، وهو يوم مولد السيد المسيح إجازة رسمية لمسيحيى مصر ومسلميها، ثم جاءت مظاهرات 25 يناير 2011 ، لتجسد مرة أخرى مظاهر التلاحم الوطني والوحدة الوطنية بين المسلمين والمسيحيين، حيث كان من أهم ملامحها أن الأقباط هم من كانوا يقومون بحماية المسلمين أثناء الصلاة في ميدان التحرير، وفي أحداث ثورة 30 يونيو، اتخذت ملامح الوحدة بين عنصرى الأمة، طابعا خاصا، وأعادت للأذهان ذكريات الوحدة الوطنية لثورة ١٩١٩، فقد خرج إمام المسجد، وبجواره القسيس ليقولا (لا لحكم الجماعة الإرهابية)، حتى نجحت الثورة بفضل التلاحم ومشاعر الوحدة الوطنية، وحاولت شراذم وأعوان الخونة أعضاء الجماعات الإرهابية معاقبة الأقباط بإشعال الفتنة بين المسلمين والمسيحيين بحرق بعض الكنائس في الصعيد، وأماكن أخرى، ولكن تصدى المسلمون للدفاع عن إخوانهم المسيحيين وحماية ممتلكاتهم من بطش الجماعات الإرهابية، وكان للجيش المصري العظيم دور كبير في ترميم الكنائس، وبمجيئ الرئيس عبدالفتاح السيسي، سجل التاريخ مرحلة جديدة من مراحل الوحدة والتلاحم الوطني، باعتباره أول رئيس مصري يسعى للحضور والمشاركة فى أعياد الميلاد المجيد بالكاتدرائية الأرثوذكسية، ليؤكد للجميع أنه لا فرق بين مسلم ومسيحي، فكلاهما مصري، ولا فرق بينهما، كما نص الدستور، وقد شهدت سنوات حكم الرئيس عبدالفتاح السيسي، بعض محاولات إثارة الفتنة الطائفية، سواءً من داخل أو خارج مصر، ولكن سرعة تصدي الرئيس السيسي لتلك المحاولات الفاشلة، كانت كلمة السر للقضاء عليها، فعندما أعدمت جماعة داعش الإرهابية مجموعة من الأقباط العاملين بدولة ليبيا، ظلما وغدرا، أصدر الرئيس السيسي أوامره للقوات المسلحة بأخد الثأر لشهداء الوطن خلال ٢٤ ساعة، وبالفعل قامت القوات الجوية المصرية بتدمير مواقع ومعسكرات تنظيم داعش بالمنطقة الشرقية بليبيا، وأكد الرئيس أن حق المصريين، لا يضيع هدرا. ودوما تثبت مصر أن مسلميها ومسيحييها يعيشون فى تآخٍ حقيقي، في ظل مجتمع آمن، لا عنصرية فيه، ولا طائفية، تجمعهم وحدة وطنية راسخة القواعد، وهيهات أن يستطيع أيا ما كان، أن يفرق بين المسلم والمسيحي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.