في السنوات الأخيرة أصبح تطبيق التيك توك (TikTok) واحدا من أكثر التطبيقات تأثيرا على مستوى العالم، خاصة بين فئة الشباب والمراهقين، فهذا التطبيق الذي يعتمد بشكل أساسي على مشاركة مقاطع فيديو قصيرة تتراوح مدتها بين 15 إلى 60 ثانية. سرعان ما أصبح جاذبًا للملايين حول العالم، حيث يوفر للمستخدمين فرصة للظهور أمام جمهور واسع وتحقيق الشهرة السريعة.
ومع تزايد عدد المستخدمين، بدأت تظهر فرص مالية كبيرة من خلال الإعلانات والشراكات التجارية، مما جعل الكثيرين يتسابقون لتحقيق الربح من خلال المحتوى الذي ينشرونه.
لكن هذه الفرص المالية لم تأتِ دون ثمن، ففي سعيها لتحقيق الشهرة والربح، بدأت بعض السيدات، في تبني سلوكيات وممارسات تُعتبر غير لائقة وفقًا للمعايير الاجتماعية والأخلاقية، من خلال نشر مقاطع فيديو تحتوي على رقصات أو لغات بذيئة أو إيحاءات جنسية، أصبحنا نشاهد بعض فتيات المدارس، يرقصن في الشوراع والأماكن العامة من أجل التسابق على إنشاء محتوى جذاب ملفت للانتباه يحظى بالعديد من المشاهدات والإعجابات.
لاشك ان هذه الأفعال غير اللائقة لا تخلو من العواقب الوخيمة، فإنها تعرض الفتيات للانتقاد والتحرش، سواء في العالم الحقيقي أو عبر الإنترنت، بالإضافة إلى فقدان الخصوصية، حيث تصبح حياتهم الشخصية مكشوفة أمام الجميع.
أيضا هذه الأفعال يمكن أن تؤثر سلبًا على قيم الشباب الأخلاقية، حيث يعتادون على رؤية السلوكيات غير الأخلاقية كشيء طبيعي أو حتى مرغوب فيه، وبمرور الوقت، قد يبدأ الشباب في تبني هذه السلوكيات كجزء من حياتهم اليومية، مما يؤدي إلى تآكل القيم الأخلاقية التي تعلموها في المنزل أو المدرسة.
أيضا من الجوانب المثيرة للقلق، هو تأثير التيك توك على البيوت والأسر، ففي العديد من الحالات، أدى انغماس بعض السيدات في عالم التيك توك، إلى إهمال واجباتهن الأسرية، فبدلًا من التركيز على تربية الأطفال أو إدارة شؤون المنزل، أصبحت الأولوية لتصوير مقاطع الفيديو ونشرها، هذا الإهمال قد يؤدي إلى توترات داخل الأسرة، وربما إلى تفكك العلاقات الزوجية في بعض الحالات.
دول حظرت التطبيق
بسبب تأثيره السلبي، قامت نحو ١٩ دولة بحظر تطبيق التيك توك سواء بشكل كلي أو جزئي، حيث أيدت المحكمة العليا بالولايات المتحدة الاميركية مؤخرا قانونًا يحظر تطبيق التيك توك بشكل كامل في البلاد، مستندة في ذلك إلى مخاوف تتعلق بالأمن القومي للبلاد.
ومن الدول أيضا التي قامت بحظر هذا التطبيق بشكل كامل، بحجة أنه يهدد الأمن القومي ويخالف القيم الاجتماعية والدينية، الهند وأفغانستان.
ومن الدول التي قامت بحظره بشكل جزئي، دول الاتحاد الاوروبي وبريطانيا وكندا واستراليا، حيث حظرت هذا التطبيق على جميع هواتف وأجهزة الموظفين الحكوميين، أيضا قامت كلا من باكستان واندونيسيا، بحظر هذا التطبيق على فترات.
والسؤال الذي يطرح نفسه متى تحذو مصر حذو هذه الدول، وتقوم بحظر التيك توك؟، خاصة أن هذا التطبيق الذي وصل عدد مستخدميه نحو ٣٢ مليون مواطن، أغلبهم من الشباب والمراهقين، أصبح يشكل خطرًا كبيرًا على أعراف وتقاليد المجتمع وطبيعته الخاصة، إذ أصبحت اللغة السائدة في ظل هذا التطبيق، هي التخلي عن القيم الأخلاقية مقابل المال، فالعديد من الأسر المصرية أصحبت في ظل الضغوط الاقتصادية التي تواجهها، مستعدة للتضحية بكرامتها وأخلاقها من أجل الحصول على الربح السريع.