مدحت علم الدين يكتب | الشرطة والعقيدة الأسمى للدولة
مصر، الثامن من أكتوبر عام ١٩٥١، استيقظ المصريون على قرار رئيس الوزراء مصطفى باشا النحاس، بإلغاء معاهدة ٣٦ استجابة لمطالب الشعب الملحة، ورغبتهم الدائمة في الانتقام من الاحتلال الانجليزي جزاء ما جنت يداه من جرائم واستباحة لأرض مصر طوال سبعين عامًا، بينما كانت المعاهدة تفرض على مصر حماية مصالح الإنجليز بها.
القرار كان شرارة انطلاق العمليات الفدائية ضد معسكرات الاحتلال في منطقة قناة السويس، تلك العمليات التي كانت تتأجج كنار تحت ماء حال دون انفجاره تلك المعاهدة. توقفت الامدادات الغذائية المصرية للمعسكرات، ترك العاملون المصريين عملهم مع الانجليز وانضموا للمقاومة، أصبحت الانفجارات تؤرق الإنجليز ليل نهار، لكنهم كانوا يتمسكون ببقائهم في مصر، مما جعل هربرت موريسون وزير خارجية بريطانيا يصرح أنهم سيقابلون القوة بالقوة إذا اقتضى الأمر لبقائهم في منطقة القناة.
كان الرد عنيفًا؛ حيث قام القائد البريطاني بمنطقة القناة في يوم ٢٥ يناير ١٩٥٢ باستدعاء ضابط الاتصال المصري بمنطقة القناة وسلمه إنذارًا مفاده أنه يجب على قوات الشرطة بقسم الاسماعيلية تسليم أسلحتهم، والرحيل عن منطقة القناة، حيث إنهم علموا أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة.
عندما رفض قائد قوة الشرطة المصرية الانصياع لأوامر القائد الإنجليزي، قامت القوات الإنجليزية بمحاصرة القسم وملحقاته بسبعة آلاف جندي وضابط إنجليزي، بينما كانت القوات المصرية لا تتعدي ألف جندي وضابط شرطة قاتلوا ببسالة حتى سقط منهم خمسين شهيدًا.
انتشر خبر الحصار في أرجاء مصر، فخرجت المظاهرات في أرجاء مصر تندد بالاحتلال البريطاني، وتمجد في شهداء الواجب في ذلك اليوم، الذي اعتبر من وقتها عيدا للشرطة المصرية تم إقرار هذه الإجازة الرسمية لأول مرة بقرار من الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، باعتبار هذا اليوم إجازة رسمية للحكومة والقطاع العام المصري تقديرًا لجهود رجال الشرطة المصرية ودليلًا على بسالة أبناء مصر في الدفاع عن أراضيها في كل زمان ومكان.
تحية إعزاز وتقدير للشهداء ولكل من ضحي بحياته في سبيل الغاية الأسمى للدولة المصرية، المحافظة على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه.
* مدحت علم الدين، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين.