مصطفى أبو زيد يكتب | الاتجاهات العالمية للاستثمار الاجنبى المباشر

0

لا شك أن الاقتصاد العالمى والاستثمارات الدولية قد تعرضت لضربات كبيرة جراء وباء كورونا خلال العاميين الماضيين ولا شك أيضًا أن الوباء قد جلب تحديات كثيرة وفى الوقت نفسه قد أوجد فرصا استثمارية جديدة وكانت أبرز التداعيات لجائجة كورونا على وضع الاستثمار العالمى في عام 2020 اذ إنخفضت التدفقات بنسبة كبيرة بلغت 35% وفقا لتقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (اونكتاد) وقد أظهرت أحدث البيانات بأن تدفقات الاستثمار العالمى قد ارتفعت في النصف الأول من عام 2021 لتبلغ 852 مليار دولار.
هنا لابد من استقراء الوضع خلال العام الحالي 2022 فيما يتعلق بمسارات تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة في ظل استمرار تداعيات كورونا السلبية على الاقتصاد العالمى وحالة عدم اليقين التي مازالت قائمة لدى المستثمرين والتي تلقى عبئا كبيرا على صانع القرار الاقتصادى في رسم السياسات الاقتصادية التي من شأنها وضع استراتيجية استثمارية مع الاخذ في الاعتبار التركيز على القطاعات الاقتصادية التي يتوقع ان تكون جاذبة للمستثمرين الى جانب وضع سياسات توجيهية للقطاعات الإنتاجية التي يريد راسم السياسة الاقتصادية توجيه الاستثمارات الأجنبية إليها بغرض تنميتها وبالتالي وزيادة القيمة المضافة على الناتج المحلى الاجمالى
كان لتراجع الاستثمار الأجنبي المباشر خلال عام 2020 أثره المباشر على الدول النامية خاصة ان الاستثمار الاجنبى المباشر عاملا أساسيا في التنمية الاقتصادية لتلك الدول عبر ما تتيحه من توفير جزء كبير من فرص العمل المحلية والقيمة المضافة عبر مخرجات الإنتاج الى جانب ظهور العديد من الازمات المتتالية كأرتفاع أسعار الطاقة والاختلالات في سلسلة الامداد والتوريد العالمية
أما على صعيد الاقتصاد المصرى فتدفقات الاستثمار الاجنبى المباشر خلال السنوات الماضية قد شهدت أرتفاعا ملحوظا وتربع الاقتصاد المصرى في المركز الأول لثلاث سنوات متتالية على مستوى افريقيا في ظل استمرار تداعيات جائحة كورونا حيث بلغ الاستثمار الاجنبى المباشر في العام المالى 2016/2017 نحو 7.9 مليار دولار وفى العام المالى 2017/2018 بلغ 7.7 مليار دولار وفى العام المالى 2018/2019 بلغ 8.2 مليار دولار وفى العام المالى 2019/2020 بلغ 7.5 مليار دولار وفى العام المالى 2020/2021 بلغ 5.2 مليار دولار وفقا لبيانات البنك المركزى نظرا للسياسات الاقتصادية التي انتهجتها الدولة المصرية لتهيئة البيئة الاستثمارية عبر حزمة التشريعات المحفزة لمناخ الاستثمار المتضمنة لحوافز استثمارية وضريبية وحرية انتقال الأموال للخارج.
لكن مع استمرار تداعيات جائحة كورونا لابد من العمل سريعا على تلافى بعض التحديات التي من شأنها العمل على تباطؤ وزيادة تدفق حجم الاستثمار الاجنبى المباشر وهو العمل سريعا على وجود ألية ناجزة لإجراءات التقاضى في منازعات الاستثمار التي من الممكن ان تستهلك الكثير من الوقت الى جانب المضي قدما في تيسير إجراءات التأسيس والتراخيص لبدء النشاط التجارى بالإضافة الى وضع رؤية واستراتيجية واضحة المعالم توضع القطاعات التي تستهدف الدولة المصرية توجيه الاستثمار الاجنبى اليها لتنميتها وزيادة مساهمتها في الناتج المحلى الاجمالى بما يحقق التنوع في القطاعات الإنتاجية التي يتدفق اليها الاستثمار الاجنبى المباشر خاصة بعد تركز غالبية الاستثمار الاجنبى المباشر في قطاع الطاقة مع مراجعة لاسعار الطاقة خاصة الغاز الطبيعى الموجه نحو القطاع الصناعى والذى يعتبر مدخل اساسى في عمليات الإنتاج في صناعات كالحديد والصلي والاسمنت والسيراميك بما يساهم في خفض تكاليف الإنتاج وبالتالي قدرة اكثر على زيادة الإنتاج وبالتالي توفير المزيد من فرص العمل
فنحن الأن نشهد تغيير كبير في خريطة الاقتصاد العالمى وتركيبة جديدة في مفهوم سلاسل الإمداد ومصر لديها فرصة كبيرة بما لديها من إمكانات لوجيستية وبنية تحتية قوية ومناطق اقتصادية وصناعية وتمتعها باستقرار سياسي واقتصادي وعلاقات اقتصادية قوية مع كافة التكتلات الاقتصادية الكبرى في أن تقتنص فرصا استثماريه عبر توطين صناعات وسيطة في إطار مبدأ التخصص وتقسيم العمل الدولي.

* د. مصطفى أبو زيد، عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين، مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.