مصطفى طارق يكتب | بين ضباب الافتراء ونور الحقيقة

0

في زمن الصراعات، حيث تختلط الحقائق بالأوهام، تبرز أهمية الكلمة الصادقة كضوء يبدد ظلام الشك والافتراء.
وفي هذا السياق، تجد مصر نفسها مجددًا في مرمى الادعاءات الواهية التي لا تستند إلى واقع ولا تتوافق مع مبادئ الحوار والمصالح المشتركة.
فما صدر عن قائد ميليشيا الدعم السريع من مزاعم بشأن تدخل الطيران المصري في المعارك الدائرة على أرض السودان الشقيق لا يعكس إلا صورة مشوّهة للحقيقة، بل ربما هو تجلٍّ للإفلاس السياسي حين يعجز الفاعل عن قراءة الواقع.
إن مصر، التي اعتادت أن تكون جسرًا بين الشعوب ونبراسًا للسلام والاستقرار، لا يمكنها أن تنحاز إلا لمصلحة السودان واستقراره.
فلسفة مصر السياسية قائمة على دعم وحدة الشعوب العربية ودفع كل ما من شأنه إنهاء الصراع وتحقيق السلام، ويتجلى هذا المنهج الراسخ اليوم في تحركات مصر المتواصلة لوقف نزيف الدماء في السودان، حيث تقف مصر بحزم مع حماية المدنيين وتقديم المساعدات الإنسانية دون التورط في مستنقع الصراع.
يكمن هنا البعد الأعمق؛ إن الافتراءات التي أُطلقت ما هي إلا تجسيد لمبدأ “الهروب إلى الأمام”، حين يحاول المتهم التغطية على فشله بإلقاء اللوم على آخرين. إنها محاولة لصرف الأنظار عن حقيقة المأساة السودانية الداخلية، التي يغذيها الصراع المسلح بين الأطراف المتنازعة، وليس لأي قوى خارجية.
قد تجلّت الحكمة المصرية في التعامل مع هذه الادعاءات، إذ دعت القاهرة المجتمع الدولي لتحرّي الأدلة الحقيقية، مؤكدة أن الباطل لا يمكن أن يصمد أمام شمس الحقيقة الساطعة. ومن زاوية أعمق، يمكننا التأمل في الصراعات الإقليمية المعاصرة وكيف تتحول النزاعات إلى روايات معقدة تتجاوز حدود المعارك على الأرض. إنها حروب تُخاض على جبهات الإعلام والتأويلات السياسية، حيث يصبح الاتهام مجرد أداة في لعبة أكبر. حينها تجد الدول الكبرى، مثل مصر، نفسها في موقع المسؤولية، لا لأنها طرف في النزاع، بل لأنها رمز للاستقرار والتوازن في منطقة تتقاذفها رياح العنف.
ختامًا، مصر ليست مجرد دولة، بل هي تاريخ وإرث عريق في تعزيز السلم وحماية حقوق الشعوب، وستظل وفية لهذا الدور مهما كانت التحديات، ومهما تزايدت الافتراءات. إن مصر، وهي تنفي المزاعم الواهية، تفعل ذلك بثقة الدولة التي تعي مسؤولياتها، وتدرك أن الحقائق لا تغيب طويلًا مهما أُحيطت بالأكاذيب.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.