مونيكا وليم تكتب | الانتخابات الرئاسية والتوجهات الاستراتيجية

0

قد أجريت الانتخابات الرئاسية المصرية في سياق تصدرت فيه التهديدات الاستراتيجية والامنية وخاصة الازمة الفلسطينية التي طغت على المشهد الانتخابي في مصر، ولذلك اقتضت العملية الانتخابية مجموعة من الإجراءات الدقيقة والمختلفة نوعا ما، سواء اثناء العملية الانتخابية ذاتها والمكتسبات السياسية المنبثقة منها أو فيما بعدها حتى اصدار “وثيقة استراتيجية للاقتصاد المصري” تتضمن أبرز الملفات المطروحة على طاولة السيد الرئيس والمنُطلقة بالأساس من التحديات الراهنة وخاصة الاقتصادية منها.
لذا سيتناول المقال تحليلا شاملا لأربعة اتجاهات جديدة غير معهودة في المشهد السياسي الانتخابي في مصر والتي تتمثل في الآتي:

يتمثل الاتجاه الأول في التعاون الواضح بين معظم أجهزة ومؤسسات الدولة سواء الرسمية وغير الرسمية، مع الإدراك الملحوظ لدى المواطن، والأهم توافر الإرادة السياسية، وهو ما أدى إلى اتجاه إرادة الناخبين وتوافقهم على أن هذه المرحلة تحتاج إلى رئيس قوي يمكنه التعامل مع المخاطر التي تدور على الحدود المصرية وهو ما يفسر الإقبال الشديد من قبل المواطنين على غير المتوقع.
لعل مع تمحيص المشهد السياسي والانتخابي في مصر، تتبلور في عدة معطيات أهمها نسبة المشاركة السياسية في هذا الاستحقاق، فوفقاً لبيانات الهيئة الوطنية للانتخابات فإن عدد المسجلين فى قاعدة بيانات الناخبين بلغ نحو 67 مليونا و32 ألفا و438 مواطنا، أدلى منهم نحو 44 مليونا و777 ألفا و668 ناخبا بصوته فى صناديق الاقتراع، بنسبة مشاركة بلغت 66.8%، وهو الامر الذي يعكس نجاح كل مؤسسات الدولة الرسمية، وغير الرسمية عبر دوائر الأحزاب والنقابات فى الاصطفاف والحشد الوطني من أجل المشاركة في هذا الاستحقاق الدستوري.

أما البادرة الثانية ، فتتمثل في الزخم والحراك السياسي الخاص باختلاف وتباين الخلفيات الحزبية والأيدلوجية للمرشحين فيعقب الرئيس عبد الفتاح السيسي في عدد الأصوات التي حصل عليها، المرشح الرئاسي حازم عمر الذي حصل على مليون و986 ألفا و352 صوتا، أي بنسبة تقترب من 4.5%، وهو الرئيس الحالي لحزب الشعب الجمهوري، وعضو بمجلس الشيوخ بالتعيين. يليه المرشح فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي في المرتبة الثالثة، والذي حصل على مليون و776 ألفا و952 صوتا بنسبة 4%، ليأتي بعده المرشح عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد فى المركز الرابع بـ 822 ألفا و606 أصوات، بنسبة بلغت 1.9%.
بتحليل المعطي السابق يتبين أن هيكلة الحياة الحزبية التي تمت خلال الأعوام الماضية ساهمت في اصطفاف الأحزاب السياسية إما في السياق السياسي العام، أو في إطار المعارضة على النحو يثري التعددية والتنوع في المشهد السياسي المصري وهو ما وضح جلياً فى الدفع بمرشحيها وتصدير كوادرها السياسية وكان ذلك نتاج قدرة الأحزاب علي توفيق أوضاعها سواء على المستوى الداخلي خلال مجموعة من السياسات الهيكلية والتنظيمية، أو على المستوى الخارجي ، وهو الأمر الذي ساهم في تحقيق الانتعاشة السياسية.

أما البادرة الثالثة، وضُحت فى استقبال الرئيس السيسي لمنافسيه الثلاثة الآخرين الذين خاضوا أمامه انتخابات رئاسة الجمهورية 2024، وذلك بعد يوم واحد من إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية.

أما الاتجاه الرابع المتعلق بإصدار “وثيقة استراتيجية للاقتصاد المصري للفترة الرئاسية 2024-2030″، فإذا أردنا تحليل المشهد فيما بعد الانتخابات الرئاسية، فهناك عدد من القضايا والملفات محل الاهتمام وذات الأولوية على طاولة الرئيس السيسي، والمنطلقة بالأساس من التحديات الراهنة وخاصة الاقتصادية وعلي سبيل المثال لا حصر أزمة النقد الأجنبي وتراجع معدلات النمو ومعدلات التشغيل وارتفاع الأسعار والتضخم، وهي ذاتها المصُاغة في الوثيقة المشار إليها والتي تم اطلاقها حديثاً، لبيان مسارات تحرك الدولة خلال الستة سنوات الرئاسية المقبلة… هذه الاتجاهات جديدة غير مسبوقة بمصر، وجميعها عوامل أسهمت فى تخطى مصر المشهد الانتخابي، والخروج بمجموعة من المكتسبات الوطنية والسياسية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.