مينـا راشد يكتب | الإنتاجية والتنمية
في البداية يجب أن نوضح الفرق بين الانتاج والانتاجية حيث ان مفهوم الإنتاجية كمقياس يختلف عن مفهوم الانتاج Production والذي يقصد به عملية معالجة المواد الأولية وتحويلها الى سلع وخدمات، أي أن الإنتاج بهذا المعنى هو المرادف الى مصطلح العمليات التحويلية Process
يُعتبر مصطلح الإنتاجية واحداً من أهم و أبرز المصطلحات وأكثرها تداول في المجالات الاقتصادية ومجالات العمل المختلفة ، فهو مؤشر يدل على مدى قدرة عناصر الإنتاج على التآزر من أجل القيام بعملية إنتاجية صحيحة, وتعد الإنتاجية بمثابة المحور الرئيسى للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي مجتمع، فعن طريق زيادة الإنتاجية وتحسين مستواها يتم إحداث زيادة فعلية في دخول الأفرادبالمجتمع وبالتالي توليد المدخرات التي يمكن من خلالها إيجاد استثمارات إضافية تدعم النظام الإقتصادي وتوفر فرص عمل جديدة وتحقق مزيداً من التقدم والرفاهية لأفراد تلك المجتمعات حيث ان الإنتاجية العالية أساس النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في أي بلد، مهما كان نوع النشاط الاقتصادي فيه، وبمعادلة بسيطة نقدر نوضح التنمية إذ إنها معدل ما يمكن الحصول عليه من الإنتاج مقسوم على معدل ما يُصرف للحصول على هذا الإنتاج، وترجع أهمية قياس الإنتاجية لعلاقتها الوطيدة بحسن استغلال الموارد الاقتصادية للحصول على أكبر عائد أو أفضل خدمة.
كما أن معدلات نمو الإنتاجية وتحليل عناصرها تعطي مؤشرا فعليا للنشاط الاقتصادي، وتكشف نواحي الضعف والقوة في هذا النشاط، لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالناتج المحلي الإجمالي، وهذه الإنتاجية لا تقتصر على القطاع الخاص بل حتى القطاع العام من خلال القضاء على البطالة المقنعة وخفض التكاليف. كما يمكن أن يستخدم مفهوم الإنتاجية لقياس الميزة النسبية بين الدول، فالإنتاجية هي العلاقة الكمية بين ما يُنتج وما يٌنفق على الإنتاج، لذلك فإن أحد أكثر المعايير المستخدمة في قياس مدى صحة اقتصاد أي دولة هو معدل الإنتاجية، وهي ذات أهمية كبيرة لمدى صحة وتوسع الاقتصاد في تلك الدولة، حيث أن زيادة الإنتاج وخفض التكاليف مرتبطان بحسن الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية، مما يؤدي إلى خفض أسعار المنتجات وزيادة الطلب عليها، ومن ثم زيادة الدخل القومي.
تكمن أهمية الانتاجية في أنها تكون السبب في إنتاج كميات أكبر من الوحدات المنتجة بموارد أقل، مما يخفض أسعار المنتجات، ويؤدي إلى زيادة الطلب عليها، وبالتالي زيادة التدفق النقدي الداخل وزيادة الأرباح , وايضاً زيادة إنتاجية القوى العاملة تحسّن مستوى الدخل وتؤدي إلى نمو إجمالي الناتج المحلي، بخلق فرص عمل جديدة والحد من معدل البطالة والبطالة المقنعة، ولذا تعد الإنتاجية العالية واحدة من أهم عوامل الإنتاج المحددة لدخل الفرد على المدى الطويل، لأنها تحسن مستوى المعيشة وتحقق الرفاهية الاقتصادية والاجتماعية للسكان، كل حسب مساهمته في العملية الإنتاجية.
انخفاض إنتاجية العمل من أهم التحديات التي تواجه التنمية في مصر، فليس من المبالغة أن المعالجة الجذرية والدائمة للاقتصاد القومي تكمن اساسا في تحسين انتاجية العمل والنهوض بها لذلك فإن تحسين وتطوير انتاجية العمل في مصر يمكن أن تحدث طفرة غير مسبوقة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحقق مستويات الرخاء والرفاهية المستهدفة في حياة الشعب المصري.
في ظل استشراء ظاهرة البطالة في أوساط الخريجين الأكاديميين من ذوي التخصصات النظرية المتشابه والتي تشبع بها سوق العمل، يجب النهوض بالتعليم الفني والتدريب في مصر، حيث أصبح من الضروري أن تحد ثورة علمية في تطوير نظم التعليم جذريا، والربط بين مخرجات التعليم بكل فروعه وعلى وجه الخصوص التعليم الفني بكل مدارسه وتخصصاته وبرامجه، وبين إحتياجات سوق العمل ومتطلبات التنمية.
إن التنافس الدولي، وضرورات التطور الاقتصادي والاجتماعي لخير الإنسان ومستقبل الأجيال القادمة، جعلت من زيادة الإنتاجية هدفاً رئيسياً لدول العالم على اختلاف أنظمتها، وادراكًا أن الاقتصاد الحقيقي القوي لا يقوم بمعزل عن الكفاءات المهنية التقنية ذات الإنتاجية العالية.