نشوى الشريف تكتب | العامل المصري.. عمود الخيمة وصمام الأمان

0

في اللحظات الفارقة، لا تُقاس قوة الدول بعدد جيوشها فقط، بل بمدى احترامها لكادحيها ، للذين ينهضون كل صباح، يحملون الوطن فوق أكتافهم، ويصنعون من العرق جسوراً للعبور نحو المستقبل.
في عيد العمال هذا العام، لا نحتفل فقط بعطاء مستمر منذ عقود، بل نحتفي بما هو أعمق: بهوية أمة لا تنهض إلا بسواعد عمالها، وبقانون جديد يُعيد الاعتبار لمن يستحق.

منذ سنوات، ونحن نؤمن أن العامل المصري ليس مجرد عنصر إنتاج، بل هو الركن الأصيل في معادلة البقاء والاستمرار. هو الذي لم يتوقف رغم الأزمات، لم يتراجع رغم التضخم، ولم يفقد الأمل رغم ما يحيط بنا من متغيرات إقليمية ودولية.
ولذلك، فإن صدور قانون العمل الجديد بالتزامن مع عيد العمال ليس مصادفة زمنية، بل تعبير صادق عن رؤية جمهورية جديدة، تؤمن بأن حماية العامل ليست منّة، بل واجب وطني.

القانون الجديد لم يأتِ بمواد جافة أو عبارات قانونية معقّدة، بل جاء حاملاً رسالة ، رسالة احترام، وتقدير، واستثمار في الإنسان. فقد كنا شهوداً تحت قبة البرلمان على مناقشات حقيقية لإقرار تشريع يليق بكرامة العامل، ويعيد التوازن بين حقوقه وحقوق صاحب العمل.

ساهمت بكل فخر، كنائب عن الشعب، في تعديل مواد محورية، بينها المادة 14 التي تعيد إحياء الثقافة العمالية، والمادة 22 التي تُرجع للنقابات العمالية دورها في التدريب والتأهيل، لأن العامل المتسلّح بالمعرفة، أكثر قدرة على حماية نفسه وعلى النهوض بمجتمعه.

نعم، العامل هو عمود الخيمة ، إن سقط، ترنّح السقف .
وإن انتصب شامخاً، استقرت الأمة، ونهض الاقتصاد، وتحققت العدالة الاجتماعية.

ولهذا، فإن حماية العامل ليست فقط تشريعاً ، بل رؤية حضارية، ركيزتها “العدالة”، وقاعدتها “الاحترام”، وسقفها “الوطنية”.
العامل ليس تابعاً ، بل شريك. ليس هامشاً ، بل مركزاً.
وإذا كانت الدول تُقاس بمدى رعايتها للنخبة، فإن عظمة الأمم تُقاس بمدى حمايتها للكادحين.

في عيدهم، نقول لهم: أنتم الأصل ،أنتم السند ، أنتم من نكتب القوانين لأجلكم، ونُعدّلها بضمير حي.

كل عام وعمال مصر بخير، كرامة، وحقوق ، ومستقبل أكثر أملاً.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.