نيرمين مصطفي تكتب | قمة شرم الشيخ

0

في لحظة تاريخية فارقة، استضافت مدينة شرم الشيخ قمة دولية غير مسبوقة تحت عنوان “قمة السلام”، بمشاركة أكثر من عشرين دولة ومنظمة دولية، لمناقشة سبل إنهاء الحرب في غزة، والتمهيد لمرحلة ما بعد الصراع. وهدفت القمة إلى التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق مسارات لإعادة إعمارغزة .

ويعكس الحضور الدولي الكثيف حقيقة أن الصراع في غزة لم يعد شأنًا إقليميًا فقط، بل بات ساحةً تتقاطع فيها استراتيجيات القوى الكبرى، وسط إعادة تشكيل محتملة للنظام الدولي.

وبرعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، تحوّلت مصر من مجرد وسيط إقليمي إلى مركز ثقل دبلوماسي يعيد تشكيل التوازنات في المنطقة ، حيث تأتي قمة شرم الشيخ تتويجًا لتحرّك دبلوماسي مصري بدأ منذ اللحظة الأولى لانفجار الصراع في غزة.

ومنذ بداية التصعيد في غزة، أدارت مصر اتصالات مكثّفة مع مختلف الأطراف، وأطلقت مبادرات متتالية لوقف إطلاق النار، وفتح الممرات الإنسانية، وتسهيل تبادل الأسرى. ولكن في هذه القمة، لم تكتفِ مصر بدور “الداعي والمنسّق”، بل مارست دبلوماسية نشطة مع جميع الحضور، مستفيدة من علاقاتها المتوازنة مع الأطراف المتصارعة، وقدرتها على العمل كجسر بين الشرق والغرب.

وبخلاف الدور التقليدي لمصر كوسيط أمني، فهى تعد قوة إقليمية تملك أدوات التأثير، لا فقط أدوات التهدئة ، كفاعل لا غنى عنه في أي مسار مستقبلي لدول الشرق الأوسط.

 ولا يمكن اعتبار القمة مجرد محاولة لوقف حرب، بل محطة رئيسية في إعادة تشكيل التوازنات في الشرق الأوسط. عبر دبلوماسية متوازنة ومسؤولة، وضعت مصر نفسها مجددًا في قلب المشهد، كقوة عقلانية قادرة على الجمع بين المتناقضات، وتوجيه الطاقات الدولية نحو حل حقيقي، لا مجرد إدارة للأزمات.

وتسعى القمة إلى الدفع نحو تهدئة مستدامة، لا هدنة مؤقتة، في محاولة لخلق بنية مؤسسية تُجنّب القطاع الانزلاق مجددًا إلى الفوضى. فقد أثبتت القمة أن المنطقة، رغم كل تعقيداتها، ما زالت تملك نوافذ أمل… بشرط أن تتحوّل المبادرات إلى أفعال، والتعهدات إلى التزامات ملموسة.

                                                نرمين مصطفى

عضو تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن حزب التجمع

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.