لاجدال بأن غياب الوعي البيئي لدى كل فرد في المجتمع بأهمية العلاقة بين سلوكيات الإنسان، ونمط أفعاله، والأنظمة التي صنعها بنفسه، والتي لا تأخذ بالاعتبارات البيئية، ستزيد من تفاقم المشاكل البيئية الموجودة حاليا، والدليل وجود دول تحت الإبادة الجماعية بفعل النشاطات البشرية غير المسئولة بسبب الأنشطة الصناعية، والتطور التكنولوجي، والتي خلقت تغيرات مناخية تجاه موارد البيئة، كانت السبب في تدمير الموارد البيئية، وذلك لأن التوازن والاختلال البيئي عملية معقدة، لا تلاحظ بشكل واضح إلا في مراحلها الشبه نهائية، والإنسان بسلوكياته، هو العامل المحدد لهذا التناغم والتوازن، ولأننا في المراحل النهائية للاختلال البيئي، اجتمعت الجهود الدولية لمحاولة إيجاد حلول لقضايا البيئة العالمية، مثل (استنفاذ الأوزون، الانبعاثات الكربونية، خفض درجات الحرارة، التغير المناخي)، حيث أصبح الأمن البيئي الآن، ينافس الأمن العسكري والعنصر الأهم في مسار التنمية الاقتصادية.
إن المشاكل البيئية تشغل الدول الصناعية المتقدمة والنامية، تتساوى في ذلك المجتمعات الغنية والفقيرة، فهي ليست أمرا من أمور الرفاهية، ورغد العيش للأغنياء فقط، وذلك للآثار السلبية للنشاطات الصناعية والتقنية على البيئة، التي أصبحت عرضة للخطر، والذي ينعكس على صحة الإنسان وراحته. وأن مشكلة التلوث البيئي، ليست مشكلة جديدة، أو طارئة، وإنما الجديد فيها، هو زيادة شدة التلوث، كما وكيفا في عصرنا الحاضر، وأصبح التلوث مشكلة عالمية، لا تعترف بالحدود السياسية، لذلك حظيت باهتمام دولي، ولأنها فرضت نفسها على الجميع، فالتصدي لها يتجاوز حدود وإمكانيات التحرك الفردي، لمواجهة هذا الخطر المخيف، ولأن الأخطار البيئية، لا تقل خطرا عن النزاعات والحروب والأمراض الفتاكة، إن لم تكن أكثر خطرا.
لذلك عقد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 29)، مؤتمر كوب المالي لعام 2024 في باكو، عاصمة أذربيجان في الفترة المنصرمة من 11 إلى 22 نوفمبر، حيث كان الهدف العام لمؤتمر كوب 29، هو أن توافق الدول على خطط للتصدي لتغير المناخ وتطويرها وتبادلها من أجل منع المزيد من الاحتباس الحراري العالمي وقياس التقدم، الذي تحرزه البلدان في معالجة تغير المناخ، مقابل هدف الوصول إلى 1.5 درجة مئوية. لأن ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية، سوف يؤدي إلى نزوح جماعي للشعوب، وإلحاق الضرر بسبل العيش للبلدان الأكثر تضررا.
لذلك أجمعت دول العالم بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ واتفاقية باريس المتعلقة بها بأن الحل الوحيد، تفعيل هدف جماعي كمي جديد، وهو “تمويل المناخ”، لايوجد تعريف دولي متفق عليه، ولكن هناك التعريف الإجرائي، حيث يهدف التمويل المناخي إلى تقليل الإنبعاثات وتعزيز خزانات الغازات، كما يهدف إلى الحد من قابلية تأثر النظم البشرية والإيكولوجية بتغير المناخ، والحفاظ عليها وتنميتها”، وأن يتضمن المسائلة واستخدام الأدوات المالية المناسبة.
ويتم من البلدان مرتفعة الدخل، التي تتحمل تاريخيًا المسئولية الأكبر عن تغير المناخ لمساعدة البلدان منخفضة الدخل الأكثر تضررا على التحول إلى اقتصادات خالية من الكربون، ولمساعدة المجتمعات الأشد تضررا على التكيف مع آثار تغير المناخ، ويتمثل ذلك في تريليونات الدولارات لمساعدة الدول منخفضة الدخل على تنفيذ الإجراءات المناخية اللازمة، بما في ذلك التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري، وخفض الانبعاثات العالمية للنصف وكيفية ترخيص الدول لتداول ائتمان الكربون، والتحول للوسائل المستدامة صديقة البيئة، والتى تعمل على ازدهار الطاقة النظيفة، ما يساعد جميع الدول على الاستفادة من فوائدها الهائلة في جميع القطاعات، وتخلق المزيد من الوظائف، وسبل الطاقة الأنظف، والأرخص للجميع.