تجيش في دخيلة كل إنسان أسئلة، لما يراه ويسمع ويحس، يحاول دومًا أن يجد لها الأجوبة، وتلك هي الطبيعة الإنسانية المتفاعلة مع البيئة والمتطورة باستمرار. في علاقاتها مع البيئة الطبيعية، ومع البيئة الحياتية، ومع البيئة البشرية.
ما هو التطوع؟ الحركة التطوعية والروح التطوعية والتضحية هي ليست وسيلة يتم بها إيصال المساعدات وأعمال الإغاثة للمنكوبين، وليست من أعمال السخرة لإنجاز مشاريع مظهرية، وليست وسيلة لسد حاجات التقشف.
الحركة التطوعية ثقافه في المجتمع المتقدم المتطور. وهدف وغاية اجتماعية يجب الوصول من خلالها إلى بناء واستمرار تقدم المجتمع ماديًا ومعنويًا وسلوكيًا واجتماعيًا؛ فالثقافة التطوعية هي مذهب يجب أن يسود المجتمع ويعتنقه الجميع ويتخلق به المجتمع. فالتطوع يشكل العمود الفقري لفلسفة التكافل الاجتماعي.
إن عملية التطوع والتضحية هي من الأهداف والسياسة الواعية التي تعتمدها الدول النامية والمتقدمة، وتعتبرها هدفًا أساسيًا من الأهداف التي تقود إلى تطور المجتمع، فتعمل هذه الدول على تحفيز وتشجيع ثقافة التطوع وفسح المجال أمامها لكي تنتقل إلى مكان الصدارة من المجتمع في القيادة والمكانة الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والسياسية، فهي عملية تربوية واخلاقية.
التطوع هو مبادرة المتطوع، دون ضغط أو أكراه خارجي أو داخلي أو بنية الحصول على شيء بالمقابل: عبر وضع امكاناته المالية والجسدية والعقلية وأقصاها حياته، في خدمة المجتمع كمؤسسه تطوعية لأعمال الإغاثة والطوارئ، أو التخفيف من المعاناة بالمجتمع، أو المساهمة في عملية التنمية، وبالمقابل يتبنى المجتمع مبدأ تشجيع التطوع بالأساليب التي تعود على المجتمع بتعميم الروح التطوعية وتشجيعها باعتبارها أحد أعمدة قيام المجتمع السليم والحديث والمتطور. فالمجتمع المتطور له أسلوبه بالتشجيع والتقييم، والنامي له اسلوب آخر، فالتطوع هو وسيله من وسائل بناء المجتمع الحديث. والتطوع هي روح وغريزة يتصف بها الإنسان عن الحيوان، لذلك فهي تسمى صفة انسانية.
من الضروري التركيز على مفهوم يجب أن يعيه ويدركه كل من له علاقة بهذه الجمعيات من منتفعين بخدماتها وعاملين فيها، وهو أن ما تقدمه الجمعيات الخيرية والتطوعية والإنسانية، والمنظمات غير الحكومية، هو ليس من اعمال البر والإحسان والصدقة، بل أن أعمال إغاثة المنكوبين والفقراء والمرضى والمحتاجين والشرائح الاجتماعية الضعيفة.
