هاله أبو ليل تكتب | الموت والحب والأمل الزائف

0

«هي التي من أجلها تشرق الشمس»
يقال أنها أول جملة غزل موثقة في التاريخ البشري، قالها الملك رمسيس الثاني لزوجته نفرتاري، ولا زالت محفورة على جدران معبد ابو سمبل.
ولكن ألم يغازل قبلها الرجال النساء ويخلدون ذكراها
ألم يبني الإمبراطور المغوليّ شاه جهان ” تاج محل” من الرخام الأبيض في الهند والذي يوصف بأنه أعظم نصب شُيّد من أجل الحب
لتخليد ذكرى زوجته الأميرة مُمتاز محل , قبر يليق بحبه الكبير.

في مدونتي كما كتبت عن الموت سأكتب عن الحب ولكن بشكل اقل
لآن كتّاب الحب كثيرون والحب قليل
ولكن كتّاب الموت قلائل والموت يحصد أكثر
فمن مات غرقا مات غيره حرقا , وأن مات شنقا مات صديقه دعسا
وأن مات على فراش موته فتلك موته القطط
ولكن من مات بعيدا فتلك ميتة النسور
وأن مات مهاجرا فتلك ميتة الغزلان
وأن مات بجلطة فتلك موتة الكثرة
وأن مات نصيرا لقضية فتلك ميتة الندرة
ميتة العظماء
فأفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر
فموت جمال خاشقجي حامل القلم الذي قتله نظام بلده الفاشي , كانت ميتة العظماء
ومثله الفلسطيني حامل مشعل التنوير ضد الأنظمة العربية الفاشية والحكام المستبدين ” الشهيد نزار بنات ” والذي قتله النظام العميل و صاحب التنسيق الأمني المقدس مع العدو الصهيوني الذي هو نفسه الذي قتل الصحفية شرين ابو عاقلة حاملة الصوت والكاميرا والصورة والكلمة التي تشنق اعداءها على مقصلة الإرهابيين الخالدين من بني صهيون
يقتلون عدوهم بدون أن يراق على جنباته الدم
وكما كتبت عن الفضائل والعظماء
سأكتب عن الشرور والأشرار في الحياة
ولكن صندوق باندورا Pandora s box بكل ما فيه من شرور وموبقات
سيتبدد كلّه حتما
ولن يبقى فيه سوى الأمل بحياة جديدة وغدا افضل
فما هي الشرور التي خرجت من صندوق باندورا
كل شرور البشرية من جشع، وغرور، وافتراء، و كذب و حسد، وكسل ، و وقاحة وامل
خرجت من الصندوق
وأول الخطايا و الشرور هو الغرور وقد قلنا سابقا أن الغرور مرض نفسي ما لم يلحق بالتباهي الأجوف
واكثر المتباهين المغرورين
هو ابليس نفسه ناشر ومحرض الذنوب الفتاكة عندما ( قال ) إبليس مجيبا ( أنا خير منه ) لأنك خلقتني من نار وخلقته من طين
وهكذا ابتدأت كل دائرة الشرور وتوسعت الخطايا المميتة ولم يبق سوى الأمل الزائف بمستقبل افضل
( يقال إن وجود الأمل (نفس معنى الرجاء) بصندوق الفظائع , دليل على ان الأمل «زائف»
وظهوره على شكل ضوء ما هو إلا شر مكسو بالمظهر الحسن *.
في قصيدة مليتون ” الفردوس المفقود ” تروي القصيدة قصة الخَلقْ والشجرة المحرمة ونزول آدم وحواء إلى الأرض وانتصار الملاك الساقط العاصي الشيطان باغواء آدم وحواء عندما اتخذ شكل ثعبان لاغوائهم.
حتى انتهت القصيدة بعبارة:
(لقد كان هذا العالم كله أمامهم حيث اختاروا مكان إقامتهم وطريق رشدهم وتعاونا بخطى بطيئة لكنها سديدة
ومن جنة عدن أخذوا طريقهم المآسى)
ولأن السقوط على الأرض كان عقوبة آدم وحواء والعصيان والإستماع للحية التي جاءت بدور المحرض الناعم والغواية لأكل الثمرة المحرمة ( يقال لكل صاحب لسان معسول حيّة)
و سرعة تعرضهما للإفتتان والغواية وقلة العلم مما يجعلهم فريسة الجهل ومبعثه إننا اشخاص ضئيلو الشأن
“الخطأ، يا عزيزي بروتوس، ليس في نجومنا/أقدارنا، بل في أنفسنا، لأننا أشخاص ضئيلو الشأن”
ولذلك نجد إننا إذا لم نطهر أنفسنا فسنقع بدائرة السبع خطايا المميتة والتي لمن لايعرفها عليه رؤية فيلم سفن SEVEN ويقصد بها السبع خطايا التي تكلم عنها دانتي وميلتون وحتى القصة الخرافية قصة صندوق باندورا
ومن هذه الخطايا سنتكلم اليوم عن
الغضب وعن الغرور والتكبر
فقد غضب الرب على غرور ابليس و رفضه السجود لآدم
قائلا : اني خير منه خلقته من طين وخلقتني من نار
هذا الشعور الزائد بالإستحقاق كان لدى ابليس ايضا
كان يشعر أنه افضل من غيره وأنه يستحق معاملة افضل من غيره
ولذلك غضب منه الرب واراد أن يعاقبه فطلب منه ابليس أنه يمهله
لغواية البشر
فنزلت عقوبة آدم وحواء ونزلوا إلى الأرض وبدأت الحياة الأرضية تتخذ سمات تختلف عما في الجنة
وبنزولهم نزلت كل الشرور ومنها الخطايا السبع المميتة
بدأت بالشهوة . فقد ضاجع آدم حواء وخجلا من العري واتخذا أوراق الشجر لتغطية عورتهم
ثم بدأ الحسد والغيرة بين الأخويين قابيل وهابيل
ولماذا قبل الرب قربان اخيه ولم يقبل قربانه
وعندما كبرت التوائم الأخوات ,أختلفوا
من يتزوج من !
كان يفترض أن تتزوج تؤأم قابيل تؤأم هابيل
والعكس ولا أعلم أيهما أراد أن يتزوج تؤأمه
وقد يبدو أن قابيل القاتل هو من احدث تلك الفتنة
وتقاتلوا وحدثت أول جريمة قتل, فقد قتل قابيل هابيل
بسبب الغضب
هذه هي الحياة التي نركل بطن أمهاتنا لنخرج إليها
حياة مليئة بكل المنغصات ” خوف وقلق واكتئاب وعداوات وحسد وغيرة ونزاعات واستيلاء وسطو على ممتلكات الغير وسرقة واحتيال وغدر و فتن ومؤامرات ” وو
بالمحصلة سنجد أن الخوف والقلق والمآسي من الحياة هو الذي سيمنعنا من الحياة
وليس الموت
فالموت لم نرى منه إلاّ كل شيء طيب
أما الحياة ومصاعبها هي التي تجعلنا مرضى الحسد والغيرة والكسل والشهوة والشره والغضب والغرور والبخل
هي أفات النفس -التي تقتلنا والتي إن لم نتطهر منها ذاتيا وإراديا وبدون إجبار
فقد تبني لها عشا من قش الشرور وتكبر مفاسدها و شرورها و يصعب اقتلاعها فيما بعد
(لقد بنت وكبرت و انتشرت الشرور)
“الخطأ، يا عزيزي بروتوس، ليس في نجومنا/أقدارنا، بل في أنفسنا، لأننا أشخاص ضئيلو الشأن”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.