هاني جرجس عياد يكتب | الجامعات الافتراضية : إيجابياتها وسلبياتها (١-٢)

0

حتى سنوات قليلـة؛ لـم تكن مصطلحات الجامعة الافتراضية، وجامعة الإنترنت وغيرها؛ شائعة في أوساط التعليم الجامعي والعالي، ولكنها ظاهرة حديثة تزامنت مع التنامي المتسارع في إمكانات تقنية المعلومات والاتصال، خصوصا تقنية الإنترنت وتطبيقاتها في أواسط وأواخر التسعينات في القرن الميلادي الماضي.
اولا: مفهوم الجامعة الافتراضية
هي مؤسسة تقدم خدمة تعليمية غير مباشرة تلبي حاجات متعلمين ذوي رغبة في تعليم يُحاكي ما تقدمه الجامعات التقليدية، أولئك المتعلمون لم تتح لهم فرص الالتحاق بها؛ نتيجة ظروفهم الحياتية. وتستند هذه الخدمة الافتراضية على التعلم الإلكتروني عن بعد خلال بنية تكنولوجية متقدمة تبث عبر الإنترنت متخطية حدود المكان والزمان، يحدث التفاعل والتحاور بين المتعلمين والمعلم وبين المتعلمين أنفسهم وقتما شاءوا وحيثما كانوا.
ثانيا: الجامعات الافتراضية حول العالم
بدأت الجامعات الافتراضية في الظهور في جامعة نيويورك بشمال شرق إسبانيا بكلية افتراضية واحدة من كليات الجامعة، وكانت تجربة مشجعة جدا؛ مما حدا بالعديد من مؤسسات التعليم العالي إلى خوض التجربة نفسها. وفي أوائل عام 2000 صدر تقرير يوضح أن هناك أكثر من300 مؤسسة متخصصة مكرسة للتدريب عبر الاتصال المباشر في الولايات المتحدة وحدها.
ونمو الجامعات الافتراضية ليس ظاهرة مقتصرة على الولايات المتحدة الأمريكية، ففي عام 1998 تأسست جامعة كوريا الافتراضية كصيغة من صيغ إصلاح التعليم العالي، وبعد ثلاث سنوات بلغ عدد البرامج التي تقدمها نحو 66 برنامجا تعليميا لنيل شهادة البكالوريوس، استفاد منها زهاء 14,550 طالب. كما قدمت جامعة سول الافتراضية حوالي عشرين مقررا إلكترونيا، كما أنشأت كندا الحرم الجامعي الافتراضي المكون من 11 جامعة يقدم فيها ما يزيد على 350 درجة علمية، و2500 مقرر إليكتروني يخدم ما يزيد عن 100,000 طالب.
كما حدث نمو هائل في مبادرات التعليم الجامعي الافتراضي، ففي عام 2002م درس أكثر من 350.000 طالب في الولايات المتحدة من خلال تعلم جامعي افتراضي بالكامل للحصول على درجات علمية، وقامت الجامعات المرموقة كجامعة هارفارد بتقديم برامج أكاديمية افتراضية، وحققت حوالي 150 مليون دولار من عائدات برنامج التعليم عن بعد؛ الذي خدم حوالي 60.000 طالب وطالبة متفرغين جزئيا. ومن جهـة أخـرى أسس الاتحـاد الأوروبي خطـة إلكترونيـة بعنـوان “جامعات القرن الحادي والعشرين”، وهي عبارة عن ائتلاف جامعات أوروبية لنقل التعليم الجامعي إلى الطلاب في أسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية رصد لها 13.3 بليون دولار.
وقد بدأ هذا النمط من التعليم بالظهور والانتشار في البلاد العربية منذ فترة ليست بالبعيدة، في محاولة للاستفادة من الإنترنت في نشر ثقافة التعليم عن بعد، لكن ما فات القائمين على هذه الفكرة هو ضرورة الإعداد الجيد وتوفير البيئة المناسبة لتطور هذا النوع من التعليم. وأبرز الجامعات العربية هي: الجامعة السورية الافتراضية، والجامعة الافتراضية التونسية، والجامعة الافتراضية المغربية.
وقد ساعد على انتشار الجامعات الافتراضية عالميا وجود العديد من العوامل يتمثل أبرزها في:
1- زيادة الطلب على التعليم العالي، حيث أشار البنك الدولي إلى أن حوالي 150 مليون شخص سيحتاجون تعليما جامعيا في العام 2025.
2- التطور الهائل في إمكانات تقنية الإنترنت الذي فتح أبواب التعليم العالي لجمهور جديد ومتنوع، وشجع الجامعات على تأسيس أسواق جديدة في مواقع جغرافية بعيدة، وقدرت مؤسسة الأبحاث التسويقية أعداد مستخدمي الإنترنت عالميا في 2019 بحوالي 5,4 مليار فرد.
3- رغبة العديد من الدول في توسيع فرص التعليم الجامعي وتحسين جودة التعليم وتقليل التكلفة.
ثالثا: إيجابيات الجامعات الافتراضية
1- الإتاحة: أي أن المتعلم يستطيع الالتحاق بالجامعة الافتراضية من أي مكان في العالم دون قيود روتين الجامعات التقليدية.
2- المرونة: فالمتعلم لا يتقيد بزمان التفاعل والتواجد في بيئة التعلم، فهو من يحدد متى وأين يتفاعل مع بيئة التعلم الافتراضية التي تلبي احتياجاته وتشبع رغباته.
3- المعايشة والاستغراق.
4 – التفاعل: إن استخدام الإنترنت في التعلم والتدريس يوفر البيئة المثلى للتعلم من حيث توفير التفاعل المطلوب للتواصل من خلال برامج الدردشة بالبريد الإلكتروني؛ الذي كان يضمن التفاعل الصوتي والمكتوب، كما أنها تدعم المعلمين في جعل التعلم أسرع وأسهل، فالمتعلم فاعل نشط وليس سلبيا.
5- التكلفة أقل في العديد من أوجه الإنفاق على التعليم التقليدي وخفض التكاليف غير المباشرة مثل: انعدام تكاليف المدينة الجامعية لسكن الطلاب، وانعدام نفقات السفر، وانعدام اشغالات فيزيقية لمباني التعليم الجامعي، بالإضافة إلى ندرة نفقات المواد المطبوعة؛ فالمقررات تقدم في صورة إلكترونية تفاعلية وهي أكثر تشويقا.
6- الاستيعاب: لا حدود لاستيعاب الجامعة الافتراضية في حين أن التعليم الجامعي تحدد نِسب استيعابه وفقا لإمكاناته.
7- التعامل مع الحواس المتعددة: إن المعايشة والاستغراق والتفاعل تعد نتيجة حتمية لكون هذا النوع من التعليم يخاطب حواس المتعلم كافة، وهذا ما يفتقده التعليم التقليدي.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.