هدير زيدان تكتب | المشاركة السياسية والاستحقاق الانتخابي

0

تستعد مصر خلال الفترة المقبلة للدخول في استحقاق دستوري مهم، مع اقتراب موعد انتخابات المجالس النيابية، وتأتي هذه الخطوة في إطار مشهد سياسي مختلف عن ما اعتدناه في الماضي، فمصر اليوم تسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ مؤسسات الدولة وتعزيز مسار المشاركة الشعبية. لم تعد المشاركة السياسية مجرد اختيار، بل أصبحت استحقاقًا وطنيًا على كل مواطن حريص على مستقبل بلده. فالمشاركة في الانتخابات ليست فقط أداة للتعبير عن الرأي، بل هي وسيلة للمساهمة الفعلية في صنع القرار، وضمان أن تظل إرادة الشعب هي المحرك الأساسي للحياة السياسية.
وقد شهدنا خلال السنوات الماضية تطورًا ملحوظًا في شكل الحياة البرلمانية، وتمثيلًا غير مسبوق لفئات كانت مهمشة لسنوات طويلة. رأينا شبابًا داخل قبة البرلمان يحملون رؤى جديدة وطاقة قادرة على التغيير، ووجدنا المرأة المصرية حاضرة بقوة، ليس فقط بالعدد بل بالفعل والتأثير، مما أرسل رسالة واضحة بأن الدولة جادة في دعم المشاركة الحقيقية لكل فئات المجتمع. هذه النجاحات لم تكن صدفة، بل نتيجة لإرادة سياسية واضحة، واستجابة شعبية بدأت تعي أن الطريق نحو التغيير يبدأ من صناديق الاقتراع.
ومع اقتراب الانتخابات القادمة، تصبح المسؤولية أكبر، والتحديات أكثر تعقيدًا، خاصة في ظل الظروف الإقليمية والدولية المحيطة، وما يتطلبه ذلك من برلمان قادر على التشريع والرقابة، وممثل بحق لكل أطياف الشعب. إننا أمام فرصة حقيقية لاستكمال ما بدأناه، ولتجديد الدماء داخل مؤسسات الدولة عبر مشاركة واعية ومسؤولة. صوت كل مواطن هو حجر أساس في بناء دولة حديثة تقوم على القانون، وتحترم التنوع، وتمنح الجميع الحق في أن يكون له مكان في المستقبل.
ولكي تكون هذه الانتخابات خطوة جديدة على طريق الإصلاح، لابد أن يتوفر لها المناخ المناسب من الشفافية والوعي، وأن يدرك كل فرد أن صوته له قيمة وتأثير. يجب أن نتجاوز مشاعر الإحباط والتشكيك، وأن نتعامل مع الاستحقاق القادم باعتباره فرصة، لا عبئًا، وباعتباره واجبًا، لا خيارًا. لأن المشاركة السياسية ليست فقط لحظة تصويت، بل هي فعل مستمر يعكس الوعي والانتماء والرغبة في أن نرى وطننا في المكانة التي يستحقها.
مصر اليوم تشهد تغيرات حقيقية لا يمكن تجاهلها. على الرغم من التقدم الملحوظ الذي تحقق في العديد من المجالات، إلا أن الطريق لا يزال طويلًا أمامنا. التحديات التي نواجهها تتطلب منا جميعًا أن نكون جزءًا من الحل، وأن نواصل العمل والالتزام بكل خطوة نحو الأمام. التغيير في أي وطن لا يأتي صدفة، بل هو نتيجة لإرادة شعبية حقيقية، تمثلها المشاركة السياسية الفعالة. الانتخابات القادمة هي فرصة حاسمة لاختبار وعي الشعب المصري، وتأكيد دورنا جميعًا في تشكيل المستقبل وبناء الوطن الذي نطمح إليه

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.