هدير زيدان تكتب | من التقليدية الي الرقمية : تحديات ومسارات

0

في ظل التحولات التكنولوجية المتسارعة التي يشهدها العالم، أصبح من الضروري أن يمتلك الشباب القدرة على التكيف مع المتغيرات الرقمية الحديثة. ومع اختفاء العديد من الوظائف التقليدية وظهور وظائف جديدة تتطلب مهارات تكنولوجية متقدمة، يظل التحدي الأبرز يتمثل في تزويد الجيل الجديد بالمعرفة والكفاءات التي تؤهلهم للمنافسة في سوق العمل المستقبلي. هذه التحولات لا تقتصر على زوال وظائف معينة، بل تفتح أيضًا آفاقًا واسعة للابتكار وتُنشئ مجالات عمل جديدة قائمة على تقنيات حديثة.
على المستوي العالمي، تسيطر تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، والأمن السيبراني على سوق العمل. وقد أدي ذلك إلي تراجع عدد من الوظائف التقليدية، لا سيما الإدارية منها أو تلك التي تعتمد على المهارات اليدوية دون تدخل تقني وفي المقابل ظهرت وظائف جديدة تتطلب كفاءات تقنية متقدمة ، مثل تطوير البرمجيات وأمن المعلومات، مما يفرض على الشباب اكتساب مهارات رقمية عالية تؤهلهم للاندماج في سوق العمل الحديث والتعامل مع متغيراته المستمرة.
حرصت الدولة المصرية على مواكبة هذه التغيرات العالمية، حيث بدأت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات منذ عام 2019 في إطلاق مبادرات تهدف إلى تأهيل الشباب المصري لعصر الرقمنة. من خلال هذه المبادرات، تم التركيز على تدريب الشباب على أحدث التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، إلى جانب إكسابهم مهارات الأمان الرقمي لمواجهة المخاطر الإلكترونية. وقد أثمرت هذه الجهود عبر برامج تدريبية تم تنفيذها من خلال منصات مثل “مهارة-تك” و”حياة كريمة”، إضافة إلى التعاون مع المعهد القومي للاتصالات لتأهيل الكوادر في مجالات تكنولوجية متعددة.
ورغم هذه الجهود الكبيرة، لا يزال التحدي القائم يتمثل في ضرورة توسيع نطاق المبادرات لتشمل جميع القطاعات والصناعات. فالمستقبل الرقمي يتطلب أن يكون التحول الرقمي جزءًا من كل مجالات العمل في مصر، سواء في الصناعة أو الزراعة أو التجارة الإلكترونية، بما يسهم في تعزيز التنافسية الوطنية داخل السوق الرقمي العالمي.
من المهم أن تواصل الدولة دعم الابتكار وريادة الأعمال الرقمية، و توفير بيئة مناسبة لتطوير حلول تكنولوجية مبتكرة. كذلك، ينبغي أن يضطلع القطاع الخاص بدور فعّال في هذه العملية، من خلال شراكات مع القطاع العام تساهم في تحقيق تكامل فعلي في تنفيذ التطبيقات الرقمية على أرض الواقع.
إن الشباب المصري، بدعم مستمر من الدولة، قادر على أن يكون القوة المحركة لهذا التحول الرقمي. وإذا تم توسيع نطاق الجهود لتشمل جميع قطاعات الاقتصاد، فسنشهد تغييرات حقيقية تُعيد رسم ملامح سوق العمل والمجتمع المصري في المستقبل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.