لا يخجل “كرين برنتين” من التصريح في مقدمة كتابه المهم “تشريح الثورة” من الاعتراف بأن كلمة الثورة من الكلمات الغامضة التي لا يستطيع الواحد أن يضع لها تعريفًا مانعًا جامعًا، وبسبب هذا الغموض قال “برنتين” إننا نطلق لفظ “ثورة” على الكثير من المجالات المختلفة والأفعال المتضاربة، فالثورة الفرنسية الكبرى “ثورة” وثورة الزنوج “ثورة” والثورة البلشفية “ثورة” وثورة الموضة في صناعة السيارات “ثورة” والتكنولوجيا أيضا “ثورة”. برغم كل هذا التعدد يلمح “برنتين” إلى أننا نرى عاملًا مشتركًا أكبر في كل هذه “الثورات” هو أنها تحمل تغييرًا سريعًا للأوضاع الحالية، كما تحمل البُشرى أو الوعد بالتطور أو التقدم.
يمضي “برنتين” في هذا الكتاب المهم إلى تحليل التجارب الثورية في العالم، يقرأ ويستدل ويفند ويستنتج، ومن خلال الكتاب نعرف أن الثورات نور ونار، الثورات هدم وبناء، الثورات عنف وسلام، الثورات تضحية وجزاء، والثورات الناجحة والناجحة فحسب هي التي تحمل معنى الديمومة في داخلها، فالتطور إن كان غير دائم هو تدهور يلوح في الأفق، وإن لم يحمل تلك الصفة صار عملا غير صالح مثل ابن نبي الله نوح الذي لم يستحق إلا الغرق.
انظر حولك على مهل، على مهل انظر حولك… إن ما يفعله الرئيس عبد الفتاح السيسي في الدولة المصرية الآن هو ثورة كاملة المعاني، ثورة كاملة الأوصاف، لكنها ثورة بمفهوم الدولة، ثورة مسئولة، تبني ولا تهدم، تنير ولا تحرق، تدحض العنف وتفشي السلام، سريعة؟ نعم، ومفاجأة أيضًا، تمشي اليوم في هذا الطريق، وفي اليوم التالي تراه وقد تحول إلى شيء آخر، تمر اليوم على هذه المنطقة وبعد شهر تجدها قفزت عقودًا إلى الأمام، أنا ابن حي المطرية، نشأت فيه وسكنت، أمشي الآن فيه وكأني في منطقة أخرى لا أعرفها، قهرت العشوائية في أشهر معدودات، تبددت الفوضى في أسابيع قليلة، صارت الطرق في عين شمس التي كانت كابوسا تضاهي أحسن الطرق في أهم العواصم وأشهرها.
مصر التي كانت مهددة في الشرق بالجماعات الإرهابية ومهددة في الغرب بالميلشيات المسلحة، ومهددة في الجنوب بعصابات التهريب وموجات التطرف ومنتهكة في الشمال بعصابات الإتجار في البشر والهجرة غير الشرعية وآكلي ثروات البلاد، تمد الآن يد “العمار” إلى شرق ويد الاستقرار إلى الغرب وتفرد سطوتها شمالا وجنوبا، وتحصد حقوقها التاريخية والطبيعية بصلابة.
طرقات مصر التي كانت أسهل طريق إلى الآخرة، صارت الآن من أفضل الطرق عالميا، ولأول مرة بمصر قاعدة بيانات ضخمة تضم المعلومات الطبية لعشرات الملايين، وحينما ضعت مصر في اختبار قاس ومجحف عندما حل علينا وباء “كورونا” الذي أنهك أعتى الدول، نجحت فيه باقتدار وصمدت بشجاعة وعبرت سالمة.
جامعات مصر تسير بخطى ثابتة نحو الحضور العالمي وليس ببعيد أن يتحول هذا الحضور عما قريب إلى تقدم وتسيد، لأول مرة، تسير مصر نحو إصلاح التعليم بشكل شامل، وليس إصلاح التعليم فحسب وإنما إصلاح أجساد الطلبة أيضا والعمل على تغذيتهم بالشكل المناسب.
لأول مرة أيضًا نرى رئيسًا في مصر يهتم بصحة الأجنة قبل أن يتشكلو في رحم أمهاتهم بتبنى مشروعا للكشف عن المقبلات على الزواج وتغذيتهم بالشكل الأمثل لضمان صحة زوجات المستقبل وأبنائهن، ولأول مرة في مصر نرى رئيسا يهتم بطلاء العمارات القديمة وتعبيد الطرق القديمة، وإصلاح الأفكار القديمة.
تعيش مصر نفس الثورة في الحرية الدينية، ولأول مرة نرى رئيسًا مصريًا يُصرح بكل ما يفكر فيه معربًا عن تقبل رفيع المستوى لكل ديانات العالم، ومبديًا احترامًا كبيرًا لكل صاحب عقيدة وكل صاحب رأي، بل أنه لم يخجل أبدًا من الإعلان عن احترامه لغير المتدين أصلا، ليقدم صورة عصرية أصيلة للرجل المسلم الحق في زمن كثرت فيه الأباطيل.
قطعت مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي آلاف الخطوات نحو المستقبل، في الصناعة قطعت شوطا في الزراعة قطعت أشواطا، في الري وشق الترع بذلت مجهودا لم يبذل في مئات السنوات، في كل حقل ضرب الرئيس عبد الفتاح السيسي فأسًا، وفي كل زاوية وضع حجرًا وبناية، كل هذا في جانب ومشاريعه الجسورة كحياة كريمة و100 مليون صحة ومصر خالية من الكبدي الوبائي في جانب آخر، تغيير حقيقي لرجل وطني مخلص يثور على الباطل ويأمر بالحق وينفذه، ليجسد كل أحلام الثورة بمفهوم الدولة التي تخاف على أمنها ومستقبلها وتعرف قدرها وتسير إليه.