وليد عتلم يكتب | الإعلام والبرلمان.. تكامل تفرضه التحديات
يقول باحث علم الاجتماع الفرنسي “دومينيك وولتون” إن الإعلام البرلماني هو: “الفضاء الذي يتم فيه تبادل الآراء المتعارضة من قِبل ثلاثة لاعبين هم: “رجال السياسة، الإعلاميون، والرأي العام”، وولتون أكد على ضرورة التفاعل في النقاشات وعملية تبادل الأراء بين اللاعبين الثلاثة سابقي الذكر كشرط أساسي للديمقراطية الشاملة، من هنا فإلزامية حُسن الإتصال بين الأطراف الثلاثة تفرض نفسها خاصة ما بين الإعلام ومؤسسة البرلمان.
إذا كان صحيحًا أننا نتعامل مع ظاهرة بسياقات متعددة فان المدرك الذهني السلبي لقطاع كبير من المواطنين تجاه العمل السياسي وممارسة الديمقراطية البرلمانية يرجع في جزء منه إلى عدم اليقين بوظيفة التمثيل التي يقوم بها البرلمان وقدرته على التعبير عن مصالح فئات المجتمع المختلفة بفاعلية، من ثم فالبرلمان المصري مدعو لعلاقة فاعلة وأكثر توافقًا مع الإعلام والعكس أيضًا صحيح، هذا التوافق لا يمكن الوصول اليه إلا من خلال إطار براجماتي شفاف بين الطرفين يعترف كل منهم بمدي وأهمية تأثير الطرف الأخر. فدور الإعلام مكمل لعمل البرلمان من حيث التعبير عن الرأي العام بشأن مجريات العمل البرلماني وأداء نواب البرلمان، وفي الجانب الأخر منه نقل أعمال وفاعليات البرلمان وشرحها والتعليق عليها. على الطرف الأخر، البرلمان دائمًا في حاجة للإعلام كقناة اتصال ونقل، فهو في حاجة دائمة ومتصلة للاستماع للمجتمع مع الإبقاء على مهامه الأساسية المتثلة في التعبير عن السيادة الشعبية والمصلحة العامة.
التواصل الجيد مع وسائل الإعلام من شأنه العمل أيضًا على تأسيس اتصال جيد مع جمهور الناخبين المفترضين للنواب في الدوائر الانتخابية التي يعود إليها النائب في كشف حساب كل خمس سنوات.
والرسالة الإعلامية للبرلمان ليست مجرد نقل وعرض المداولات والمناقشات البرلمانية النوعية منها والعامة وانتهاء التصويت عليها. البرلمان في الأساس صورة ذهنية ومدرك عام متكامل لما يبدو عليه الحراك الديمقراطي العام للدولة ومدي جودة السياسات العامة لها، ومن ثم فالتواصل الجيد ما بين البرلمان والإعلام يفتح الباب لتحسين الصورة الذهنية للسلطة التشريعية أمام المجتمع بمحتلف فئاته، لذا وجب على البرلمان تفعيل دوره التشريعي لدعم حرية الإعلام في ضوء عدم تجاوز المسئولية المجتمعية للطرفين.
وتجدر الإشارة والإشادة أيضًا بدور البرلمان الحالي بغرفتيه النواب والشيوخ في ظل إدارة متزنة لهيئات مكاتب المجلسين (الرئيس والوكيلين)؛ إذ انعكس الأداء الهادئ لكلا الرئيسين على واقع العلاقة مع الإعلام فأصبحت أكثر هدوءً وأكثر فاعلية. في ظل القناعة النيابية بأهمية تكامل العلاقة مع الإعلام في ضوء التحديات القائمة داخليًا وخارجيًا.
لذا؛ يكون للإعلام البرلماني دورًا مهامًا في إطلاق الحوار التشريعي البناء وليس الثرثرة القانونية التي غالبًا ما تقع وتنشط على وسائل الاعلام التقليدي عبر برامج التوك شو، ومواقع التواصل الاجتماعي، هذه الحوارات في الغالب لا تساعد المواطن على فهم الموضوعات كما أنها لا تساهم في تحسين صورة البرلمان والبرلمانيين على السواء. خاصة تلك الواقعة على مواقع التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا) والتي لا تستند في كثير منها إلى معلومات صحيحة ومدققة في مختلف الموضوعات ما يثير اختلالات عدة فيما يتعلق بوعي الوطن والمواطن في مختلف القضايا.
* وليد عتلم، باحث دكتوراه علوم سياسية، كلية الدراسات الأفريقية العليا