آية مدني: الرياضة كأداة للتحول الاجتماعي
إن الرياضة، شأنها شأن العديد من الأنشطة البشرية، يمكن تسخيرها من أجل تكوين علاقات الصداقة وتحقيق السلام. ولم تُحجم البطلة المصرية آية مدني، سفيرة السلام، البالغة من العمر 29 سنة، عن النهوض من أجل المبادئ، ولكنها تعرف روح التوافق. وقد سارت على هذا النهج منذ أن كان عمرها 14 سنة لا أكثر، عندما بدأت المشاركة في المباريات الرياضية.
مقابلة أجرتها سياورونغ شان
لقد بدأت نشاطك الرياضي في أولمبياد أثينا في عام 2004، وكان عمرك آنذاك 15 سنة، وهو ما يعني أنك كنتِ أصغر المتنافسات على بطولة العالم في الخماسي الحديث. وقد فُزتِ بالعشرات من الميداليات الدولية منذ ذلك الحين. كيف اِنخرطت في مجال رياضة تتميز ببالغ الصعوبة، إذ أنها تشمل خمسة أنشطة مختلفة؟
لقد وُلدت في أسرة، على خلاف العديد من الأسر المصرية الأخرى، لا تنظر إلى الرياضة باعتبارها تقتصر على “الطبقة الراقية” من الناس. فأبواي، اللذان يعملان كمهندسين زراعيين، شجعاني على ممارسة الرياضة وادخرا المال من أجل أن أنضم إلى نادٍ وأمارس أنشطة رياضية متنوعة. واخترت في نهاية المطاف رياضة الخماسي الحديث. وعلاوة على ذلك، فإن أبي، محمود مدني، عضو الهيئة الدولية الحكومية المعنية بتغير المناخ ـ التي فازت هي والنائب الأسبق لرئيس الولايات المتحدة، آل غور ـ بجائزة نوبل للسلام في عام 2007، يُعتبر من مشجعي الرياضة المتحمسين. وكان يقول لي دائماً: “إنك لا تعلمين كم أنت قوية إذا لم تحاولي. وإن أردت أن تفعلي شيئاً ما، فما عليك إلا أن تقومي به، مهما كان الأمر”.
ثمة أمثلة تبين أن مسيرتك المهنية ومعتقداتك الدينية تصادمت. وقد أُّذِن لك بارتداء الحجاب في بادئ الأمر، ولكن القواعد الجديدة الخاصة بالرياضة حرّمت ارتداء بدلة سباحة تغطي كامل الجسد. كيف تتعاملين مع هذا الوضع؟
لقد شاركت في رياضة الخماسي الحديث منذ أكثر من عشرين عاماً، ولم أرتد الحجاب إلا بعد أولمبياد بيجين في عام 2008ـ حتى بالرغم من أن ذلك جعلني أقل حظاً في سباق جرْي. وقد صممت على ارتداء الحجاب كتعبير لشكر الله على كل ما أنجزته بعونه. وقبل أن أتقاعد بعامين، في عام 2013، واجهت مشكلة ضرورة نزع الحجاب وفقاً للقواعد الجديدة التي فرضها الاتحاد الدولي للسباحة؛ كما لم يُسمح لي بارتداء بدلة سباحة تغطي كامل الجسد. ومن ثم، كان أمامي ثلاثة خيارات: إما أن أنزع الحجاب، أو أن أتخلى عن ممارسة رياضة الخماسي الحديث، أو أن أواصل ارتداء الحجاب مع بدلة السباحة التقليدية. ففضلت الخيار الثالث، ولكني قررت أن أواصل النضال من أجل حق المتنافسات في التنافس ببدلات سباحة تغطي كامل الجسد.
لقد حملت الشعلة الأولمبية في ساحة الأهرامات في مصر في عام 2004. وبوصفك امرأة، هل تعتبرين ذلك بمثابة رمز مهم للمساواة بين الجنسين في بلادك؟
لقد رُزقت بطفل بعد أن تقاعدت. وساعدني زوجي في اتخاذ قرار العودة إلى الرياضة، وكان في مقدوري بالتالي أن أساعد الأبطال، شباناً وشابات، من خلال خطابات تحفيزية ودورس في أهمية الرياضة. وفي بلادي، ليس من المعتاد لإمرأة متزوجة لديها أطفال أن تشارك في مسابقات رياضية. فالمرأة المتزوجة تُعتبر أساساً طاعنة في السن.
لقد اخترت أن أناضل وأن أغيّر هذه الثقافة. مثال ذلك أني أقوم بتعليم النساء المتزوجات بأنه لا شيء مستحيل عليهن، حتى وإن كان لديهن أطفال. وقد عدت إلى الرياضة بعد أن تقاعدت لفترة ثلاث سنوات؛ والزواج لا يشكل البتة نهاية الحياة.
إن تغيير ثقافة بلد من البلدان ليس بالأمر اليسير، ولكنه يستحق بذل الجهود حتى وإن أسفر عن إلحاق الأذى بشكل شخصي بمن يقوم به ـ مثل التشهير بالسمعة. إن الناس يحتاجون إلى الرياضة، كما أن لهم الحق في المشاركة فيها في أي مكان وزمان، بصرف النظر عمن يكونون.
هل يمكنك أن تخبرينا بالمزيد عن هذه المنظمة؟
إن منظمة السلام والرياضة، التي تأسست في المغرب في عام 2007، هي منظمة مستقلة عالمية ترمي إلى تعزيز الرياضة كأداة لتحقيق التنمية وبناء السلام. وكان من شأن استخدام الرياضة كحافز لتعزيز الروابط الاجتماعية حث منظمات المجتمع المدني والحركات الرياضية وصانعي القرار على الانخراط في الأنشطة العملية. وتضم هذه المنظمة فريقاً من الأبطال من أجل السلام، وهم أبطال رياضيون على أعلى مستوى من جميع أرجاء العالم، ممن ما زالوا يمارسون الرياضة أو من تقاعدوا، ويرغبون في مساعدة المجتمعات المحرومة من خلال الرياضة.
ما الذي تقومين به من خلال هذا الدور، ولاسيما من أجل الشباب؟
إنني منخرطة في تعليم الرياضة. فعلى سبيل المثال، ذهبت في أول نيسان/ أبريل إلى مدرسة في منطقة ريفية بمصر وقمت بتعليم نحو مائة طفل رياضة المبارزة والرماية. وقد تجمع حوالي 200 شخص من المعلمين والطلبة. وكانت هذه هي المرة الأولى التي يرون فيها أجهزة المبارزة والرماية، ومن ثم فقد كان من الصعب تعليمهم.
إن من بين ما أتطلع إلى تحقيقه إنما يتمثل في تعليم الشباب ما الذي تعنيه الرياضة. إني أهوى ثقافة الرياضة الصينية واليابانية. ففي رياضة الكونغ فو والتايكوندو، في رياضة الجودو، وحتى في رياضة المبارزة، يقوم الرياضيون بتبادل التحية قبل وبعد المباريات. ومن ثم فيمكن تعليمهم احترام هذا السلوك.
تنشر رسالة اليونسكو هذه المقالة بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي للرياضة من أجل التنمية والسلام، 6 نيسان/ أبريل.
التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.