أمير فهمي يكتب | طه حسين المهدر حقه

0

صادف يوم الخامس عشر من نوفمبر الجاري ميلاد المصري الاستثنائي دكتور “طه حسين” الذي وُلد في مثل هذا اليوم من عام ١٨٨٩.. مائة واثنان وثلاثون عام مرت على ميلاد إنسان مصري اعتبره العقلية الأكثر استنارة في التاريخ المصري الحديث، رغم أن عيناه لم تر النور منذ أن كان طفلًا صغيرًا، لكنه كافح كفاح إعجازي من أجل تحصيل العلم، فتمرد على كل قيد وسلطة ونفوذ وأعراف رجعية متزمتة متأثرًا في أفكاره بالمعري وابن خلدون وديكارت.
طه حسين المصري المهدر حقه في وطنه، رغم أن فكره ومؤلفاته كانت كفيلة بأن تكون مصر في مصاف آخر. لن أنس عندما شرفني الفاضل دكتور “جابر نصار” بالدعوة لزيارته بمكتبه بجامعة القاهرة إبان فترة ترأسه لها. تمت الزيارة في إبريل ٢٠١٧، وكنت أكاد لا أصدق أنني جالس بغرفة مهيبة لجامعة أُنشئت في عام ١٩٠٨، وأجلس أمام مكتب جلس عليه يومًا ما العظيم “أحمد لطفي السيد”. وبالطبع هو الرجل الذي تحدى بـ “طه حسين” الكثيرين، ودعمه في رحلة سفره لتحصيل العلم رغم محاربات شعواء كثيرة.
لا أنسى في هذه الزيارة أنها انتهت بأثمن هدية قد أكون تلقيتها في حياتي وهي مجموعة من الكتب ومعها عدد من مجلة الجامعة كان قد صدر تحت إشراف دكتور جابر نصار وتتضمن سرد مفصل لحقبة مهمة في حياة دكتور طه حسين وهي حقبة منتصف عشرينيات القرن الماضي حين واجه عواصف شديدة من جراء تبعات كتابه “في الشعر الجاهلي” حيث اهتم دكتور نصار بإعادة نشر سيرة الرجل وأفكاره حتى يقرأها طلاب الجامعة ويستنيرون. فكان في قراءة هذا العدد ما يشبه غذاء الروح، فمجرد الاطلاع على سيرة طه حسين تشعرك بالفخر أنك تنتمي للبلد نفسه الذي انجبه، رغم كل ما طالها ويطولها من ردة حضارية. وللأسف لاحقًا تم وأد تجربة دكتور نصار التنويرية بدلًا من تعميمها مثلما تم وأد أفكار ومشروع دكتور طه حسين من قبله.. رحمة الله على دكتور طه حسين صاحب العقل المنير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.