عبد الغني الحايس يكتب | حيثيات وفاة دولة 2011
لماذا انتفض الشعب في 25 يناير 2011؟ يجب أن نرسم شكل الواقع المصرى داخليًا وخارجيًا وحجم الصراع بين القوى المتصارعة آنذاك.
أولًا: ظن الشباب أنهم قوة لا تقهر وأنهم نجحوا فى إزاحة النظام، ولكن بعد ثمانية عشر يومًا وفى أول اجتماع بعد تنحى مبارك كانوا مئات الائتلافات تتناحر واختلفوا أكثر ما تفقوا.
ثانيًا: الأحزاب دخلت في معارك لا تنتهى، وأقيمت أحزابًا جديدة بطريق الشللية دون رؤية أو هوية.
ثالثًا: دخلت النخبة السياسية على الخط، كل يبحث عن مكان له داخل الصورة، فيما رفض الشباب وجودهم في المشهد الجديد، وأنه يجب عزلهم سياسيًا.
رابعًا: الإخوان وجدوا الفرصة التي حلموا بها منذ عام 1928 وانقضوا على الثورة وفرضوا أنفسهم بقدرتهم التنظيمية وولاء أعضائهم، وظهرت جماعات الإسلام السياسي لتشكيل أحزابها كذلك.
خامسًا: المجلس العسكري غير الراغب في الحكم، والذي كان عليه تحمل المسئولية، وكان يعي حجم وابعاد المشكلات جيدًا.
سادسًا: كان الوضع الاقتصادي في حالة انهيار على كل الأصعدةـ مع ازدياد معدلات البطالة وتوقف كثير من المصانع وتوقف الاستثمارات الأجنبية.
هكذا بدأ الصراع والمليونيات، كل يوم جمعة، تحت مسميات كثيرة. مما أوقع خسائر سائر في الأرواح والممتلكات.
أصبحت سيناء هدفًا للجماعات المتطرفة. وما حدث فى عملية اقتحام السجون يؤكد أن هناك عدوًا خفيًا يسعى لخلق الفوضى، فضلًا عن الموقف المعادي من دول كبرى. كل ذلك وكل تيارات الإسلام السياسى تستقطب الشعب باسم الدين كما حدث في استفتاء دستور مارس. وكانوا هم قوى كبيرة فى دائرة الصراع ولديهم استعداد لعمل أي شيء في سبيل الوصول إلى الحكم مهما كانت النتائج المترتبة على ذلك.
على الطرف الأخر من الصراع كان يقف أقباط مصر على حافة القلق من وصول تلك الجماعات المتشددة التي تهدد المواطنة. لقد رأينا كيف تصرفت تلك الجماعات عندما تم تعيين محافظ قنا القبطي. وما حدث فور سقوط الإخوان من مهاجمة الكنائس واشعال نيران غضبهم فيها في منظر غير إنساني وغير حضاري.
إن مقارنة ما حدث في السنوات الأخيرة من نهضة للدولة المصرية وقيام الجمهورية الجديدة وعودة دور مصر الإقليمي، عربيًا وأفريقيًا وعالميًا، وعودتها إلى مكانتها الصحيحة، وما تلاها من انجازات لا تُعد ولا تحصى. كل هذا يقدم حيثيات وفاة دولة 2011.