د.بهي الدين مرسي يكتب | عن الحجامة
ما أطرحه في هذا المقال هو لغة الطب كما يعرفها الأطباء، سواء الأطباء حول العالم أو الأطباء المحليين، فالطب له وعاء معرفي واحد وهو الوعاء الذي ينهل منه أطباء الكوكب، وهو نتاج البحث العلمي والطب الدليلي والتجريبي، ولا يخدعكم أحد ويخبركم بأنه درس أو تعلم الحجامة في أي كلية طب أو منتدى علمي.
هذا ما تعلمناه في صفحات الكتب، أما ما دون ذلك فضعه في نفحات البركة، وإياك أن تطوف بها أيها المتاجر بالدين حول أسرة المستشفيات، فمكانك هناك في الموالد بجوار حلاق الصحة ومنصة الختان.. انتبه عزيزي القارئ:
* لا يوجد بالجسم ما يعرف بالدم الفاسد بمفهوم الحجامين، فالدم الطبيعي له حالتين إحداهما الدم الشرياني المؤكسج أي المتشبع بالأكسجين في الرئة، وعندها يتخذ اللون الأحمر القاني والدوران علي كافة أنحاء الجسم لتسليم الأكسحين للخلايا.
* أما الحالة الثانية فهي الدم الوريدي وهو الدم العائد محملًا بعادم التنفس وهو ثاني أكسيد الكربون، وعندها يصبح لونه داكنا أقرب للأزرق وهو لون مؤقت يستعيد بعده التلون باللون المؤكسج من جديد، إذن هي وظيفة متكررة وتبادلية ومستمرة.
* لا يوجد دم خاص لخدمة الكلي ودم آخر لخدمة القلب أو الجلد أو المخ، لأن الدورة الدموية متحركة وتصب في القلب ليضخها للرئة ومن الرئة لخلايا الجسم باستمرار، إذا لا يوجد ركود لأي كمية دم في أي مكان بالجسم.
* مصطلح “دم فاسد” غير صحيح، ويستخدمه الدجالون لإخافة وترويع الجهلاء، ولو افترضنا جدلًا أن هناك دمًا فاسدًا بالجسم فلن يكون هناك فاصل بين الدم الفاسد والدم النقي.
* يعتمد الحجام علي سحب كمية دم من الجلد وهي دم غير مؤكسج لونه مائل للأزرق مثل لون الكبدة، فيجمعه متخثرا في الكأس ليريه للزبون ويفجعه بقصة “الفساد”.
* الطريف أن عملية الفصد (الحجامة) لو استمرت افتراضيًا لآخر قطرة دم بالجسم، فستحصل على كل كمية الدم بالجسم بنفس اللون والشكل.
* تنطوي عملية الفصد على خطورة العدوي الفيروسية والبكتيرية خاصة من ممارس غير نظيف، وأدوات قذرة، وسرير ملوث، وغرفة معبأة بفيروسات المرضي السابقين.
* لا يوجد تطبيب بالحجامة في أي مكان بالعالم إلا بين من صدقوا هذا الإجراء المتداول عبر كتب التراث، وحتى المملكة العربية السعودية لم تعترف بالحجامة ولم ترخصها كوسيلة تداوي، لكنها سمحت بإتيان تلك العادة تحت ظن المعتقَد.
* أقولها بوضوح: لا يوجد بحث علمي معترف به أقر الحجامة، ولا يوجد مشفي بالعالم يداوي بالحجامة إلا عند البدو، ولم يتعرض أي مؤتمر علمي أو ورقة بحثية لأي فائدة للحجامة.
* أود وأد الذرائع أمام من يستعد للمزاحمة والدفاع عن الحجامة مسترشدا بإجراء نجريه نحن الأطباء وهو الفصد الطبيVenesection وهو إدماء أحد الأوردة بالذراع للتخلص من كمية دم في حالة ارتفاع ضغط الدم الخبيث أو تخفيض نسبة الهيموجلوبين، كما هو الحال مع بعض المدخنين، وتتم هذه العملية مثل التبرع بالدم، لكن مطلقا لا تجري بالوخز والشفط كما في الحجامة.
* من حقك التبرك بالحجامة وفق معتقدك، فهذا شأن يخصك، لكنها أبدًا لا تفيد.