هناء عبد الفتاح تكتب | تفعيل عقوبة قانون اختراق الخصوصية

0

جاءت سيدة أوكرانية في زيارة سياحية لمعالم مصر رفقة مجموعة من أصدقائها، واختارت منطقة التجمع للإقامة فيها طوال مدة برنامجها السياحي، هي لا تعلم القوانين المصرية ولا تعلم أن خلع الملابس جريمة يعاقب عليها القانون المصري، ولا تعلم أنه علي بعد عشرات الأمتار من شرفة إقامتها توجد شخصية تطوعت لتعليم الناس الأدب وتربيتهم من جديد، وأن تلك الشخصية ستقوم بمراقبتها عن كثب وتصويرها من خلال زوم تليسكوبي وهي عارية في الشرفة ثم نشر الفيديو علي مواقع التواصل الاجتماعي لفضحها وطلب القبض عليها، ظناً منها أنها مصرية تقوم بفعل فاضح وتنشر الفسق والفجور في البلاد ويجب تأديبها.
الشرطة تحركت وقامت بالقبض علي السيدة التي تبينت جنسيتها بالتحقيق معها، وتبين أنها لا تعلم شيئًا عن المنسوب إليها، وأنها تتصرف التصرفات الطبيعية في بلادها، ومن ثم طلبت النيابة مندوبًا من سفارة بلادها لحضور التحقيق معها، الواقعة شكلًا انتهت أو ستنتهي بالإفراج عنها، لكن مضمونًا هي واقعة مزعجة جدًا وتأبي ألا تنتهي قبل أن نسأل الشخصية التي قامت بالتصوير وتحويل مشهد لم يراه إلا نفر من الناس لمشهد معروض علي الرأي العام كله، يسمع عنه ويراه القاصي والداني، نسأل تلك الشخصية ماذا تعرف عن أمر الله بغض البصر والستر؟ وبالقانون الذي استندت إليه وهي تسعي لفضح الست وعقابها على أساس أنها مصرية تنشر الفجور، نسألها ماذا تعرف عن قانون اختراق الخصوصية وتجاوز حرمة الحياة الخاصة للبشر؟ ماذا تعرف عن المواد 309 مكرر و309 مكرر أ من قانون العقوبات، وفيها يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة كل من اعتدي على حرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وكل من التقط أو نقل بأي جهاز من الأجهزة صورة شخص في مكان ما بدون رضاه وذاعها والعقوبة تشمله هو وكل من سهل وشارك في نشر الصورة ومصادرة الجهاز الذي خرجت منه ليمحي من عليه ما تم تسجيله أو إعدامه.
السيدة كانت في شرفة منزلها وليست في الشارع، وقانونًا من حقها مقاضاة من قام بتصويرها دون علمها وفضحها علي الملأ بهذه الطريقة، ولأنها ليست مصرية لا أعتقد أنها ستقوم بتحريك دعوي قضائية، لكن أعتقد أنها ستعود لبلادها في حالة استياء تام مما تعرضت إليه، وطالما تدخلت السفارة الأوكرانية فستذاع الواقعة في أوكرانيا وغيرها علي أوسع نطاق، وهو الأمر الذي يحارب مجهود الدولة العظيم في تنشيط السياحة، الدولة التي افتتحت بالأمس القريب طريق الكباش في مدينة الأقصر وقامت بعمل موكب مهيب لنقل المومياوات الملكية من التحرير لمتحف الحضارة لتقول للعالم كله إن السياحة في مصر أصبحت غير السابق، وأن السائح الذي سيأتي مصر سيري عندنا ما لن يراه عند غيرنا، كل هذا يحدث لأن هناك شخصية تعاني من الفراغ، قررت فرض وصايتها علي حياة الناس واستباحت الخط الفاصل بين حدودها وحدود الآخرين، الوقائع المماثلة والتي تظهر فيها جريمة اختراق خصوصية الناس كثيرة جداً وعصية علي الحصر وموجودة بغزارة علي مواقع التواصل الاجتماعي.
أتصور أن علاج تلك المسألة جذرياً يتطلب عقوبة واحدة تظهر على السطح لجريمة اختراق الخصوصية ويتحدث عنها الإعلام المسموع والمقروء والمرئي، ليفهم الناس أنها جريمة فعلًا وعقوبتها ليست مجرد حبر علي ورق، حان الوقت لوضع حد لتلك المهزلة، نحن بصدد الجمهورية الجديدة وفي الجمهورية الجديدة نظام لا فصال فيه وحدود يلتزم بها الكبير قبل الصغير.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.